يملكه، ولا نفقة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم"، فخرجت حتى صارت إلى الحجرة أو في المسجد، فدعاها وقال:"كَيْفَ قُلْتِ"؟ فأعادت عليه القصة، فقال:"امْكُثِي فِي بِيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ" قال: فاعتدت فيه أربعة أشهر وعشراً، فلما كان عثمان أرسل إلي، فأخبرته القصة؛ فقضى به واتبعه.
قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح.
ومن قال بالأول، قال: قوله: "امكثي في بيتك" ندب لها إلى الاعتداد في ذلك البيت، والمذكور أولاً بيان أنه لا سكنى لها.
وقد ذهب كثير من الأصحاب إلى بناء القولين على التردد في أن حديث فريعة منزل على هذا الترتيب، أو الأول حكم بأنه لا سكنى لها، والذي ذكره آخراً ينسخ الأول.
وفي "الجيلي": أن صاحب "الحلية" قال: تجب لها السكنى إن كانت حاملاً، على الأظهر.
ولم يذكر أحد من المصنفين هذا التقييد سواه.
ومحل الكلام في المسألة إذا لم يتقدم الموت طلاق، أما إذا تقدمه طلاق بائن فلا نزاع في وجوب السكنى لها، ولا نفقة لها إن قلنا: إنها للحمل، وإن قلنا: إنها للحامل، فوجهان:
اختيار ابن الحداد- وهو الأصح عند الإمام-: أنها تسقط أيضاً؛ لأنها كالحاضنة، ولا تجب نفقة الحاضنة للولد بعد الموت.
وعن الشيخ أبي علي: أنها لا تسقط؛ لأنها لا تنتقل إلى عدة الوفا’، بخلاف الرجعية، بل تعتد عن الطلاق، والطلاق كان يوجب هذه النفقة دفعة واحدة؛ فتصير كدين عليه، وهذا أقيس عند الغزالي.
واعلم أن الشيخ – رحمه الله- سكت عن نوع آخر من المعتدات، وهن المفسوخ نكاحهن بعد الحكم بصحته، وللأصحاب في استحقاقهن السكنى طرق:
أحدها: أنها تستحق وجهاً واحداً، وهو ما حكاه في "المهذب"، قال في "التتمة": وهو الصحيح.