قال الإمام: وهذا فيه غموض من جهة أن المفسوخ نكاحها؛ كما لا تستحق النفقة في حال الحيال؛ كذلك المطلقة لا تستحقها، إذا كانت بائناً، وهذا مما يعسر الفرق فيه، والذي أراه في المسائل إذا غمضت الرجوع إلى ما اقتضاه القرآن [العزيز]؛ فإنه أوجب النفقة للمطلقات، والمفسوخ نكاحها ليست مطلقة.
وقد ينقدح وجه آخر، وهو أنها كالمتسببة إلى رفع النكاح، فأثر ذلك في سقوط النفقة، كما أثر في سقوط المهر قبل الدخول.
والرابع: أنها تستحق النفقة حيث تجب السكنى، وحيث [لا تجب] السكنى ففي نفقتها قولان.
والخامس: أنها تستحق النفقة وجهاً واحداً؛ كالمطلقة، وهذا ما أبداه الماوردي من عند نفسه.
ثم ما أطلقناه في المفسوخ نكاحها بسبب اختلاف الدين هو المذكور هاهنا.
وفي "النهاية"- في نكاح المشرك- حكاية خلاف عن الأصحاب:
فمنهم من يقول: سبيلها سبيل الرجعيات؛ فلا يخفى حكمها مما تقدم.
ومنهم من يقول: سبيل البائن.
تنبيه: ما أطلقه الشيخ من استحقاق النفقة [يشمل الطعام والإدام والكسوة، وما أطلقه من استحقاق النفقة] والسكنى محمول على من تستحق ذلك في حال الزوجية، أما إذا كانت ممن لا يستحق ذلك: إما وفاقاً كالناشز أو على راي كالصغيرة، والأمة إذا سلمت ليلاً دون النهار- فحكهما في استحقاق السكنى كذلك.
وزاد المتولي فقال: إن المعتدة لو نشزت في العدة سقط سكناها، ولو عادت إلى الطاعة عاد حق السكنى.
وقال الإمام شيئاً عبر عنه بعضهم بأنها إن نشزت على الزوج وهي في بيته، فلها السكنى في العدة، وإن خرجت من بيته واستعصت عليه مطلقاً، فلا سكنى لها، وأما النفقة فلم أر للأصحاب فيها [نقلاً] هاهنا.