وسئل سعيد بن المسيب عن رجل أعسر بنفقة زوجته، فقال:"يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا" قيل: سنة؟ فقال: سنة.
قال الشافعي: وقول الراوي: "سنة" يقتضي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار كروايته عنه، وقد ذهب إلى ذلك عمر وعلي وأبو هريرة.
وكتب عمر إلى أمراء الأجناد في رجال غابو عن نسائهم: "أن ينفقوا، أو يطلقوا، وليس لهم مع انتشار قولهم في الصحابة مخالف؛ فكان إجماعاً؛ كذا قاله الماوردي.
ولأنه حق مقصود بكل نكاح؛ فوجب أن يستحق الفسخ بإعوازه؛ كالاستمتاع من [المجبوب والعنين]، بل من طريق الأولى؛ لأن البدن يقوم بدون الجماع، ولا يقوم بترك الغذاء.
ولأن الحق مشترك في الجماع، وفي النفقة خاص بها، ولا يقال: الجماع لا تقدر على تحصيله من غيره؛ فيلحقها الضرر، والنفقة تقدر على تحصيلها من غيره؛ فلم يلحقها كبير ضرر؛ لأنا نقول: نفقة الزوجة لا تحصل بها أيضاً من غيره.
وقولنا: مقصود بكل نكاح؛ ليخرج القدر الزوائد على نفقة المعسر، ونفقة الخادم، هذه طريقة أهل العراق.
وفي طريقة المراوزة حكاية قول: أنه لا خيار لها، [ووجهه قوله] تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠] فكان على عمومه في وجوب إنظار كل معسر بحق.
ولأنه مال وجب بحق الزوجية؛ فوجب ألا تملك به الفسخ؛ كالصداق بعد الدخول.
ولأن النفقة في مقابلة التمكين، ولو أعوزه التمكين منها بنشوزها لم يستحق الزوج به خيار الفسخ، [كذلك إذا أعوزت النفقة من جهته بالإعسار لم تستحق