وأما وجوبها على الجد؛ فلأنه مشارك للأب في الولادة والتعصيب، وقد يقع عليه اسم الأب، قال الله تعالى- {يَا بَنِي آدَمَ} وقال: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}[الحج: ٧٨]؟
وفي طريقة المراوزة حكاية وجه منسوب إلى القفال: أن الابن البالغ توزع نفقته على أبيه وأمه، دون الصغير؛ لأن وجوب نفقته عليه من أثر الولاية عليه. وعلى هذا: فهل يستويان، أو تجب عليهما أثلاثاً؟ فيه وجهان، والراجح الثاني.
وحكاية وجهين في الجد مع الأم؛ تفريعاً على أن الأب ينفرد بالوجوب:
أحدهما: أنها على الأم دونه.
والثاني: أنها توزع عليهما، وفي كيفية التوزيع الوجهان، والظاهر الأول، وبه يظهر لك أن الأب إذا اجتمع مع الجدة أم الأب كان الوجوب عليه من طريق الأولى، وكذلك إذا اجتمع أب أب، وإن علا مع أم الأم وإن علت.
قال: وإن كان له أم أب، وأم أم، فقد قيل: هما سواء؛ لاستوائهما في الدرجة والأنوثة، وهذا هو الأصح، وادعى القاضي الحسين أنه الذي عليه أكثر الأصحاب.
قال: وقيل: النفقة على أم الأب؛ لإدلائها بعصبة. هذا ما يوجد في طريق العراق، وهو كذلك في طريق المراوزة- أيضاً- لكن مأخذ العراقيين في الاختلاف النظر إلى التساوي في الدرجة أو إلى الإدلاء بالعصبة، أو القرب بالإدلاء بالعصبة، وهو مطرد عندهم فيما إذا وجدت الجدتان من جهة الأب خاصة، وإذا اجتمع معهما جد في درجتهما، غير جد الأب وإن علا، ومثال ذلك أم أم الأب، وأبو أم أب، وأم أب اب- فعلى الأول: يشتركون في الوجوب، وعلى الثاني: تختص به أم أب الأب.
وقال الماوردي: وأرى وجهاً ثالثاً، وهو عندي أصح: أنه إذا اجتمع فيه مع تساوي الدرجة وارث [وغير وارث]- فإن الوارث أحق بتحملها من غير الوارث، فإن اشتركا في الميراث، تحملها منهم من كان أقرب إدلاء بعصبة، وإن اختلفت رحمهم تحملها الأقرب فالأقرب، وارثاً كان أو غير وارث.