والضابط الذي يتخرج عليه مسائل هذا القسم: أن الموجودين متى استويا في الدرجة والوراثة أو عدمها، والذكورة والأنوثة- فالنفقة عليهما، فإن كان أحدهما غائباً أخذت حصته من ماله، وإن لم يكن له مال حاضر استقرض عليه.
قال ابن الصباغ: وينبغي إذا لم يجد من يقرض أن يلزم الحاضر أن يقرضه؛ لأن نفقته عليه، إذا انفرد، وهذا ما أبداه القاضي الحسين في "التعليق".
وإن اختلفا، فمن الأًحاب من ينظر إلى القرب أولاً، ومنهم من ينظر إلى الذكورة أولاً.
كل ذلك على ما ذكرناه من قبل، والأظهر- عند الإمام والبغوي وغيرهما-: الطريق الأول، ويدل على قوة القرب أن من اعتبر الإرث أو الذكورة قطع عند استوائهما فيهما بالاعتماد على القرب، والمعتبرون للقرب ترددوا عند استوائهما في الدرجة في أنه هل يعتبر الإرث أو الذكورة؟ واختيار العراقيين من ذلك ما أشرنا إليه، ولنذكر من المسائل ما يظهر لك فائدة الاختلاف في المأخذ:
فمنها: إذا كان له ابن ابن، وابن بنت النفقة [عليهما- إن اكتفينا بالقرب، وعلى ابن الابن على ما عداه.
ومنها: بنت ابن، وابن بنت] النفقة على بنت الابن إن اعتبرنا الإرث، وعلى ابن البنت إن اعتبرنا الذكورة، وهما مذكوران في "الحاوي"، وعليهما إن اكتفينا بالاستواء في الدرجة، والأوجه الثلاثة مذكورة في "الشامل".
ومنها: بنت، وابن بنت، إن راعينا الذكورة فهي على ابن البنت، وإن راعينا القرب أو الوراثة، فهي على البنت، وقد حكاهما في "المهذب".
فرع: لو كان له ابن وولد خنثى مشكل، فإن قلنا عند اجتماع الابن والبنت: النفقة عليهما؛ فكذلك هاهنا، وإن قلنا: النفقة على الابن فوجهان:
أحدهما: النصف على الابن، والنصف الآخر يستقرضه الحاكم، فإن بان أنه ذكر، وجب عليه، وإلا فالرجوع على الابن، كذا قاله الرافعي.
والأولى أن ييقال: وإن بان أنه أنثى رجع به على الابن؛ لأنه قد لا يظهر أنه ذكر ولا أنثى، ويستمر إشكاله.