للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثل قدمت على الأجنبية, أي: إذا طلبت – أيضًا – أجرة المثل, لأن الله تعالى إنما جعل للأب أن يرضع ولده غيرها إذا تعاسرت, [وهي لم تتعاسر] , ولأن المؤنة عليه فيها مثل المؤنة في غيرها, ولها فضل الحنو والشفقة, وحق الحضانة؛ فلا يفوت [عليها] , وتكون أولى به.

قال: وقيل: إن كان للأب من يرضعه [من غير] أجرة ففيه قولان:

أصحهما: أن الأم أحق؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) [الطلاق: ٦] ولما ذكرناه.

ولأن الرضاع وجب لحق الولد, ولبن الأم أصلح له, وقد رضيت بعوض المثل؛ فكانت أحق به, وهذا ما نقله المزني عن نصه في بعض المواضع, وقال: إنه أحب إليّ.

والقول الثاني – وهو المنقول في عامة الكتب, وصححه الرافعي -: أن للأب الانتزاع, وإرضاعه للأجنبية؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) [البقرة: ٢٣٣].

وبالقياس على ما لو طلبت أكثر من أجرة المثل. وقد قطع بهذا القول قاطعون, منهم: أبو إسحاق, والإصطخري, وابن سريج, وابن أبي هريرة.

وقال أبو إسحاق: لا يُعرف للشافعي إلا هذا القول, وما حكاه المزني ليس فيه ما يدل على خلافه.

وهذا الخلاف [يشابه ما إذا تبرع] أجنبي بحفظ مال الطفل, وأبى الأب إلا بأجرة – فأصح الوجهين: أن الأب لا يجاب.

ويجري الخلاف فيما لو طلبت أجرة المثل, ووجد من ترضى بدونها, على ما حكاه أكثرهم.

وفي "الحاوي": أنه ينظر في قدر نقصان الأجرة:

فإن كان بقدر زيادة الإدرار و [فضل] الاستمراء [كانت الأم أحق؛ لأن نقصان الأجرة يصير في مقابلة اللبن, وترجح الأم بفضل حنوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>