ولا يلزم الأم مع استحقاقها لحضانتها الأجرة أن تقوم بخدمته، إذا كان مثلها لا يخدم؛ لأن الحضانة هي الحفظ والمراعاة، وتربية الولد، والنظر في مصالحه، وذلك لا يوجب مباشرة الخدمة، ويستوي في ذلك الغلام والجارية؛ قاله الماوردي.
قال: فإن كان ابناً واختار الأم، كان عندها بالليل، وعند أبيه بالنهار، أي: يؤدبه، ويعلمه أمور الدين والمعايش، ويسلمه غلى المكتب إن كان من أهل التعلم، أو الحرفة؛ إن لم يكن من أهل التعلم، والمرجع في ذلك إلى عرف أهله، كما صرح به الماوردي؛ لأن المقصود من الكفالة حظه، وبهذا يحصل له الحظ.
وهكذا الحكم فيما إذا كان عندها قبل انتهائه إلى سن التخيير، وكان ذكيًّا فطناً، والمرد فيه خمس سنين أو ست سنين، وإن لم يكن فطناً فيؤخر إلى سن الكفالة.
قال: وإن اختار الأب كان عنده بالليل؛ أي: بحكم التخيير، والنهار، أي: بحكم رعاية مصالحه.
قال: ولا يمنع من زيارة أمه؛ كي لا يكون ساعياً في العقوق وقطيعة الرحم، وهل ذلك على طريق الوجوب أو الاستحباب؟ الذي صرح به البندنيجي ودل عليه كلام الماوردي: الأول؛ فإنه قال: وعليه أن ينفذه إلى زيارة أمه في كل يومين أو ثلاثة، وإن كان منزلها قريباً فلا بأس أن يدخل عليها [في كل يوم ليألف برها، ولو أرادت الأم زيارته لم يمنعها الأب من الدخول عليه،] لكن لاتطيل المكث. ولفظ البندنيجي: لا يحل له منعها منه.
قال: ولا تمنع من تمريضه إن احتاج؛ لأن المريض كالصغير في الحاجة؛ فكانت أحق به؛ لوفور شفقتها عليه؛ ولأن النساء بتعليل المريض أقوم من الرجال، فإن رضي الأب بأن تمرضه في بيته فذاك، ويجب الاحتراز عن الخلوة، وإلا فينقل الولد إلى بيت الأم.
وإذا مات الولد في بيت الأب لم تمنع من حضور غسله وتجهيزه إلى أن يدفن، وله منعها من زيارة قبره إن دفن في ملكه؛ لحق نفسه، وإن كان في غير