وحكى البندنيجي عن رواية أبي إسحاق في "الشرح" وجهاً آخر، ملخصه: أن وقت الإحرام بالمغرب ووقت استدامتها، بمقدار أول الوقت من كل صلاة. قال: وإنما يقال: أوقع الظهر [أو] العصر في أول وقتها، لمن فرغ منها مع نصف الوقت، أو قبل نصفه.
وابن الصباغ قال: إن أول الوقت من كل صلاة [ما] لا يبلغ نصف وقتها. وهذا الوجه قد حكاه في "المهذب" بما يقرب من هذه العبارة، قال مجلي: وعليه يجوز أن يتراخى الإحرام بها عن غروب الشمس إلى أن يبقى لغيبوبة الشفق قدر فعل الصلاة؛ لأن الوقت الأول من كل صلاة قدر نصفه، ووقت المغرب جميعه قدر ذلك، وربما ينقص عنه.
وهذا مجموع ما رأيته في كتب العراقيين، تفريعاً على هذا القول. وقالوا- على ما حكاه أبو الطيب وغيره في باب صلاة التطوع-: إن وقت سننها يدوم إلى غيبوبة الشفق. ولم يحكوا سواه.
وأما المراوزة فلهم في وقتها على هذا القول أوجه:
أحدها- ما قاله [النووي]-: أنه بمقدار زمان الطهارة والأذان [والصلاة، وحينئذ يخرج وقتها.
والثاني- قاله الإمام-: أنه بمقدار ما يمضي وقت الأذان والإقامة والطهارة]، مع الاقتصاد بين التطويل وبين التعجيل، ومضيّ وقت يسع خمس ركعات بفاتحة الكتاب وقصار المفصل.
قال: وإنما ذكرنا الخمس؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون ركعتين خفيفتين بين الأذان والإقامة بصلاة المغرب؛ فإن المؤذن كان لا يَصِلُ أول كلمة الإقامة، بآخر كلمة الأذان في المغرب.
قلت: وفي هذا الاستدلال نظر؛ لأن المدعي أن يمضي بعد غروب الشمس قدر زمن الطهارة والأذان والإقامة، والصحابة- رضي الله عنهم- حين كانوا يصلون