واختلف بهما القصد والطريق- يشبه أن يدام حق الأم.
ويجوز أن يقال: يكون مع الذي مقصده أقربن أو مدة سفره أقصر.
قال: وإذا بلغ الغلام ولي أمر نفسه - أي: إذا كان رشيداً - لاستغنائه عمن يكفله، ومخاطبته بالأحكام؛ فلا يجبر على أن يكون عند أحد الأبوين، ولكن الأولى ألا يفارقهما؛ ليخدمهما، ويصل إليهما بره.
قال الماوردي: ومقامه عند الأب أولى من مقامه عند الأم؛ للمجانسة، واتفاقهما على التصرف.
وهذا إذا لم يكن ثم ريبة، أما إذا كان أمرد، وثم ريبة وخيف من انفراده فتنة- فقد حكى في "العدة" عن الأصحاب: أنه يمنع من مفارقة الأبوين.
ولو بلغ عاقلاً غير رشيد، فقد أطلق مطلقون: أنه كالصبي تدام حضانته.
وقال ابن كج: إن لم يكن مصلحاً لماله، ولم يحسن تدبير نفسه - كان الحكم كذلك، وإن كان عدم رشده بسبب دينه فالمذهب: أنه يسكن حيث شاء.
وعن أبي الحسين: أن بعض الأصحاب قال: تدام حضانته إلى ارتفاع الحجر عنه.
قال: وإن بلغت الجارية كانت عند أحدهما، حتى تزوج - أي: وتزف كما قيد في "التهذيب"؛ لأنها قبل ذلك متعرضة للآفات؛ فالتحقت بما قبل البلوغ.
وظاهر كلام الشيخ يقتضي أن ذلك على سبيل الوجوب، وقد حكاه ابن كج عن ظاهر المذهب، ورجحه الإمام والغزالي؛ لأن للأب والجد إجبارها على النكاح، وهو أعظم حبساً؛ فلأن يجوز لهما الحبس في البيت كان أولى.
لكن حكى الماوردي عن الشافعي - رضي الله عنه-: أنه قال: وأكره للجارية أن تعتزل أبويها حتى تزوج؛ لئلا تسبق إليها ظنة، ولا يتوجه إليها تهمة وإن لم تجبر على المقام معهما.
قال الرافعي: وهذا هو الذي يوجد في كتب أصحابنا العراقيين.
وعلى هذا: مقامها عند الأم أولى.
وهل يقوم الأخ والعم مقام الأب والجد في هذه الولاية؛ إذا قلنا بالوجوب؟ فيه وجهان في "التهذيب"، المذكور منهما في "الوسيط" و"البسيط": لا، بل تختص بالأب والجد؛ كولاية الإجبار.