للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن رواية صاحب "التلخيص" وأبي الطيب بن سلمة قول بوجوب القصاص على الأجداد والجدات. قال الإمام: وهو غريب، رده الأصحاب، ولم يقبلوه منصوصاً ولا مخرجاً، ولعله أخذ من قول الشافعي في الرجوع في الهبة أنه يختص بالأبوين، وليس هذا على وجهه؛ فإن اللائق بالهبة: منع الرجوع، والاقتصار على مورد الخبر، واللائق بالقصاص – إذا تمهد ما يدرأ العقوبة- أن لا تخصيص.

وحكى الإمام عن بعض أئمة المذهب: أن القصاص يجب على الأب ويسقط؛ لزعمهم أن سبب الوجوب التساوي، مع كون القتل موجباً للقصاص، ولكن يتعذر استيفاؤه، وهذا من حشو الكلام؛ فإن المانع من الاستيفاء مانع من الوجوب، ولا فرق – فيما ذكرناه – بين أن يتساوى الولد والوالد في الحرية والرق والإسلام والكفر، أو يختلفا.

فرعان:

أحدهما: لو حكم حاكم بقتل الوالد بالولد نقض حكمه.

الثاني: لو تنازع رجلان في نسب لقيط، فادعى كل منهما أنه ابنه – فإنه يرى القائف، فإذا اشتبه عليه، ثم قتله أحدهما قبل بلوغه – لم يقتل به؛ لأن الشبهة قائمة. [نعم]، لو قال بعد ذلك: ليس هذا ابني، وبقي الآخر على دعواه البنوة – قتل به جزماً عند العراقيين والماوردي والبغوي، وبناه الفوراني على أن نسبه يلتحق بالآخر بمجرد إنكار المنازع، كما هو قول الشافعي، [أما إذا] قلنا: لا يلتحق بالآخر بمجرد الإنكار، فلا يجب القصاص؛ كما لو وطئ رجلان امرأة، فأتت بولد يمكن أن يكون منهما، وأشكل على القائف أمره، فقتله أحدهما قبل بلوغه، وادعى أنه ليس بابن له؛ فإنه لا يجب [عليه] القصاص؛ لأن إنكاره لا يلحق نسبه بالآخر، على أن صاحب "التهذيب" حكى وجهاً في هذه الحالة بوجوب القصاص؛ كما في اللقيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>