نكاح الذمي المرتدة، فعلى هذا تجب الدية: فإن رجع إلى الإسلام تعلقت [بذمته، وإن مات أو قتل على الردة تعلقت] بماله، وقد بنى الإمام الخلاف في المسألة على الخلاف الآتي في المسألة الثانية؛ فقال: إن قلنا: إن الذميّ لا يقتل بالمرتد، فالمرتد مقتول بالذميّ، وإن قلنا: الذميّ مقتول بالمرتد، فهل يقتل المرتد بالذميّ؟ فعلى قولين. وهذا فيه نظر؛ لأن الخلاف الآتي – كما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب والمحاملي وغيرهم – محكي عن الأصحاب وجهين، ولا يمكن بناء قولين على وجهين. نعم لو عكس البناء – كما سنذكره عن القاضي الحسين – لكان أنسب.
وطريق الجواب عن هذا: أن الإمام حكى أن العراقيين حكوا الخلاف الآتي قولين، وحينئذ إن صح هذا فلا اعتراض.
قال:"وإن قتل ذميّ مرتدًّا فقد قيل: يجب القولد"؛ لأن الذميّ يقتله عناداً، لا تديناً؛ فأشبه ما لو قتل مسلماً، وهذا ما اختاره ابن أبي هريرة، وعلى هذا فيستوفي القصاص الإمام أو من ينوب عنه؛ كما قاله الشيخ أبو عليّ، وحكى قولاً بعيداً أن حق الاستيفاء يثبت لورثته أن لو مات مسلماً.
[قال الإمام: وهذا يمكن تخريجه من مسألة ستأتي وهي أن المسلم إذا قطع يد مسلم]، ثم ارتد المجروح، ومات مرتدًّا – فإن الشافعي قال: لأوليائه القصاص في الطرف، ولو عفا مستحق القصاص وجبت الدية، وفي قدرها وجهان:
أحدهما: دية مسلم؛ لبقاء علقة الإسلام عليه.
والثاني – وبه جزم في "التهذيب"، والبندنيجي -: أخس الديات، وهي دية المجوسي؛ لأنه لا دين له.
قال:"وقيل: لا يجب"؛ لأن المرتد مهدر الدم كالحربي، وإيجاب القصاص على القاتل المعصوم بقتل المهدر بعيد، وكما هذا لا تجب الدية، وهذا قول أبي إسحاق المروزي، وهو الذي صححه المحاملي