للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام: وأقيسهما تقرير النصين، وحملهما على حالين:

فحيث قال: لا يجب، فذاك إذا طالت مدة الإهدار؛ بحيث يظهر أثر السراية، ويجعل له وقع واعتبار.

وحيث قال: يجب، فذاك إذا قصرت المدة؛ بحيث لا يجعل للسراية فيها اعتبار ووقع، وقد حكى الصيدلاني أن القفال قال: القولان مبنيان على ما إذا اذهب الروح بجناية مضمونة واقعة عمداً، وجناية عمد غير مضمونة، كما إذا قتله حربي ومسلم، أو مسلم وسبع.

ووجه التقريب: أن السراية في حال الهدر لها حكم العمد، ولكن لا ضمان فيها والجراحة والسراية في الطرفين لهما حكم العمد والضمان.

قال الإمام: وهذه هفوة عظيمة؛ فإنا إذا قدرنا السراية في حال الهدر بمنزلة العمد الذي لا ضمان فيه، فهي مضافة إلى الجاني العامد الضامن. ولو صدرت من واحد جناية عمداً مضمونة، وجناية عمداً غير مضمونة، ومات منهما – لم يجب عليه القصاص اتفاقاً، فقياس هذا البناء: ألا يجب [القصاص] جزماً، وهذا حكم القصاص، [أما حكم] الدية – فتجب في الصورتين إذا آل الأمر إلى المال، وإذا وجبت وجبت الكفارة [أيضاً] وهذا القول لم يحكه الفوراني.

وقيل في الصورة الثانية قول آخر، [وادعى الإمام أنه ظاهر النص]: إن الواجب نصف الدية، وصححه في "التهذيب"، وعلى هذا تجب الكفارة أيضاً، والذي صححه المحاملي الأول.

وقيل: يجب ثلثا الدية، وهذا ما نسبه الإمام وغيره إلى تخريج ابن سريج.

وحكى الماوردي قولاً: أنه يجب أرش الجراح، ويسقط ضمان السراية؛ لأن سراية الإسلام حادثة عن سراية الردة؛ فصارت تبعاً لها في سقوط الضمان.

قال: وعلى هذا لا كفارة عليه؛ لأنه – على هذا القول – جارح، وليس بقاتل.

وعن الطبري أنه [يجب] أقل الأمرين من أرش الجناية، وجميع الدية، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>