للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قتل من [لا] يقاد به في المحاربة، أم لا؟ ولو [كان] قتله بمحض حق الله – تعالى- لما حسن إطلاق القول بوجوب القود على من قتل من لا يكافئه؛ لأن القتل حينئذ يكون حدًّا لا قوداً، [وقد وجه هذا بان القتل لو وقع في غير المحاربة لثبت القصاص للآدمي؛ فيبعد أن يحيط حقه بوقوع القتل في المحاربة، ولنا اختلاف قول فيما إذا اجتمع حق الله – تعالى – وحق الآدمي: أنه يغلب حق الآدمي، أم لا؟ فكيف ينتظم منا إبطاله بالكلية؟!].

ثم كلام [الغزالي وأمامه] ظاهره التناقض؛ فإنهما جزما القول في مسألة الكتاب بعد القتل، إذا قلنا: إن القتل في المحاربة يتعلق به حق الله – تعالى – وحق الآدمي، وكأنهما جعلا كلاًّ من الحقين جزء علة في قتل المحارب، لا على مستقلة، وفي قتل من لا يقاد به لم يوجد أحد جزئي العلة، وهو حق الآدمي؛ فلا جرم لم يجب القتل، وكلامُهما بعد ذلك مصرح بأن كلا من الحقين علة مستقلة بنفسها، لا جزء علة؛ فإنهما قالا: إذا عفا ولي القتل عن القصاص على الدية، فإن قلنا: القتل محض حق الله – تعالى – فلا أثر لعفوه في سقوط القتل، ولا دية، وإن قلنا: حق الآدمي ثابت في الدم، فله الدية، وهو كمرتد استوجب القصاص، وعفا عنه، وقضية هذا أن يقولا بوجوب القتل في مسألة الكتاب، مع قولنا: إن القتل في المحاربة يتعلق به حق الله- تعالى- وحق الآدمي؛ لوجود العلة الكاملة في استحقاق قتله.

وحاصل ما ذكرته من التقرير يرجع إلى أنهما يلزمهما أحد أمرين: إما القطع بوجوب القتل في مسألة الكتاب، أو القطع بعدم إيجاب القصاص عند عفو الولي؛ تفريعاً على قولنا: إن للآدمي فيه حقًّا، ولم يقولا بواحد منهما، والله اعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>