قال: وأول وقتها إذا غاب الشفق؛ لما سبق، وهو إجماع.
قال: الأحمر؛ لما روى مالك، عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشفق: الحمرة، فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة"، وهذا الخبر قد رواه الشافعي- رضي الله عنه- موقوفاً على ابن عمر، وغيره أسنده- كما ذكرناه- وهو حجة على من زعم أن المراد بالشفق: البياض الذي بعد الحمرة، وهو المزني وغيره؛ تمسكاً بقوله- تعالى-: {إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}[الإسراء: ٧٧][وهو ظلمته، وبأن العشاء: آخر صلاة الليل]، والصبح: أول صلاة النهار، ولما وجب الصبح بالبياض المتقدم على الشمس، اقتضى أن تجب العشاء بالبياض المتأخر عن الشمس.
ونحن نقول- مع ما ذكرناه-: قد روى أبو إسحاق بسنده أنه صلى الله عليه وسلم صلى العشاء قبل غيبوبة الشفق، وقد أجمعنا على أن ذلك لا يصح قبل غيبوبة [الشفق] الأحمر؛ فدل على أنه قبل غيبوبة الأبيض، ولأن الشفق في الخبر مطلق، والحكم إذا علق [على] اسم اقتضى أول ما ينطلق عليه الاسم، وقد قال الأزهري: الشفق عند العرب: الحمرة، قال الفراء: سمعت بعض العرب تقول: عليه ثوب مصبوغ؛ كأنه الشفق، وكان أحمر، وقد قيل في قوله- تعالى-: {فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ}[الانشقاق: ١٥]-: إنه الحمرة.