ثم كلام البندنيجي والأصحاب يقتضي أنا إذا جعلنا القول قول [المجني عليه، أنه يجب القصاص، وله العفو على الدية، وبه صرح في الحاوي، وقد قال الأصحاب فيما إذا قطع ملفوفاً، وجعلنا القول قول] الولي، لا يجب القصاص؛ لأنه يسقط بالشبهة، ولكن تجب الدية.
وقال القاضي أبو الطيب: يحتمل قوله: أنه يجب القصاص؛ فأي فرق بينهما؟
قال: وقيل: فيهما قولان، أي: بالنقل والتخريج.
وجه قبول قول الجاني قوله صلى الله عليه وسلم:"الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ"، والمجني عليه هو المدعي للسلامة، ولأن الجاني هو الغارم؛ فوجب أن يكون القول قوله؛ لأن الأصل براءة ذمته.
ووجه قبول قول المجني عليه: أن الغالب والظاهر صحة ذلك العضو؛ فوجب الحكم بالظاهر وه والصحة، وهذه الطريقة تحكي عن ابن الوكيل، وأنه طردها في إنكار الجاني أصل السلامة، وفي تسليمه السلامة، ودعوى الزوال.
وادعى الماوردي والبندنيجي والمحاملي أنا إذا قلنا بالطريق الأول فمحل قبول قول الجاني جزماً: إذا كان قد أنكر أصل السلامة، أما إذا اعترف بها، وادعى حدوث الشلل بعدها – ففيه قولان منصوصان للشافعي:
أحدهما: أن القول [قول الجاني؛ لأنه يحتمل الأمرين، والأصل براءة ذمته.
والثاني: القول] قول المجني عليه؛ لأن الأصل السلامة، وما يدعيه من طرآن الشلل لم يعلم.
وعلى ما حكاه المحاملي يحمل ما حكاه القاضي أبو الطيب في "تعليقه" – حيث قال: اتفق أصحابنا كلهم: أبو إسحاق المروزي، وأبو عليّ بن أبي هريرة، وابو عليّ الطبري، والقاضي أبو حامد في "الجامع" – على أن الجناية إن كانت في عضو ظاهر، واختلفا في سلامته؛ [فالقول قول الجاني]، [وعلى المجني