أحدهما: أن الباطن: ما يجب ستره عن الأعين؛ وهو العورة.
والظاهر: ما عدا ذلك.
وأليقهما بفقه الفصل: أن الباطن ما يعتاد ستره مروءة، والظاهر: ما لا يستر غالباً؛ وذلك لأن الفرق بين النوعين مبني على عسر إقامة الشهادة وسهولتها، وما يستر غالباً لا يطلع على حاله؛ فتعسر إقامة البينة فيه.
فرع: إذا جعلنا القول قول الجاني، فأراد المجني عليه إقام البينة على سلامة العضو -ففي كيفيتها قولان حكاهما القاضي أبو الطيب:
أحدهما: يقيمها على سلامته حالة الجناية.
والثاني: أنه يكفيه أن يقيمها على سلامته قبل الجناية.
قال: وهذا هو الصحيح؛ لأن مذهب الشافعي - رضي الله عنه - لا يختلف في أن الرجل إذا ادعى على آخر عيناً، وأقام بينة على أنه ورثها، وقال الشاهدان: لا نعلم زوال ملكه إلى أن شهدنا بهذه الشهادة؛ فإنه يحكم له بما ادعى؛ لأن الأصل بقاء ملكه على تلك العين؛ فكذلك هاهنا.
ووافقه على التصحيح كما قاله الرافعي، والروياني وغيره، والمحاملي وابن الصباغ والبندنيجي وغيرهم بنوا لقولين في حالة إنكار الجاني [أصل السلامة على القولين فيما لو اعترف الجاني وغيره] بأصل السلامة، وادعى زوالها، فإن قلنا: القول قوله، فلابد من أن تشهد البينة على السلامة حالة الجناية، ولا يحتاج في هذه الحالة إلى يمين. وإن قلنا: القول قول المجني عليه، كفاه إقامتها على [سلامته قبل الجناية لكنه يحتاج إلى اليمين، ويجوز للشاهد أن يشهد على] سلامة العين، إذا رآه يتبع بصره الشيء زماناً طويلاً، ويتوقى المهالك، دون ما إذا