هذان القولان مبنيان على القولين في أن موجب العمد ماذا؟
فالأول مبني على أن موجبه القود عيناً، وقد صححه النواوي.
والثاني مبني على أن موجبه أحد الأمرين، لا بعينه: القصاص والدية.
وهذا العفو عما ثبت له من تخييره في تعيينه، لا أنه اختاره ثم أسقطه، فإنه لو كان كذلك، لم تجب له الدية جزماً، ومثل هذا [ما] ذكر فيما إذا اسلم على عشر نسوة؛ فعين ستة للفراق؛ فإنه يتعين النكاح في الباقيات، وإن أطلق أربعاً منهن كان تعييناً للنكاح فيهن، وسقط حقه.
وفي "مجموع" المحاملي و"تعليق" القاضي أبي الطيب وغيرهما أن أبا إسحاق المروزي حكى – تفريعاً على القول بأن الواجب القود عيناً – قولاً أو وجهاً بوجوب الدية، ووجهه المتولي بأن عفو المستحق معتبر بعفو الشرع، وفي الموضع الذي عفا الشرع عن القصاص – لعدم الكفاءة – تجب الدية؛ فكذلك هاهنا.
وقال المحاملي، وابن الصباغ: إنه ليس بشيء. وتأوَّل الإمام لقائله بأن معنى قولنا: الواجب القود عيناً: أنه الأصل، ولا يثبت المال معه؛ كما لا يثبت البدل مع المبدل إذا ترتب البدل على المبدل، وإذا سقط القصاص؛ جاء وقت البدل؛ فثبت المال ثبوت المبدلات.
وحكى الماوردي القولين على غير هذا النحو؛ تفريعاً على قولنا: إن الواجب القود عيناً، وبعد عفوه من غير تعرض للدية:
أحدهما – وهو الذي نص عليه في جراح العمد -: أن له أن يختار الدية من بعد.
والقول الثاني – وهو الذي ذكره في كتاب اليمين مع الشاهد-: أنه قد سقط حقه من الدية؛ فليس له أن يختارها من بعد.
وأصل هذين القولين إذا أقام المدعي شاهداً، وامتنع أن يحلف معه، وعرضت