للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: من أخيه المقتص، قال الأصحاب: لأن نفس قاتل أبيه كانت مستحقة لهما، فإذا قتله أحدهما فقد أتلف ما يستحقه هو وأخوه؛ فوجب عليه ضمان حق أخيه؛ كما لو كانت لهما وديعة؛ فأتلفها أحدهما، وهذا التعليل يفهم اختصاص هذا القول بالصورة الأولى، مع أنه جار فيها، وفيما عداها؛ كما صرح به الماوردي، وكذا ابن الصباغ، ووجهه بأن القصاص وإن سقط قبل القتل، فالقاتل محل الحق؛ فإذا أتلفه متلف انتقل الحق إليه.

والثاني: من تركه الجاني؛ كما لو قتله أجنبي؛ [و] هذا ما اختاره المزني، وهو الأصح عند النواوي وغيره.

قال الأصحاب: ويخالف الوديعة؛ فإنها غير مضمونة لو تلفت بآفة سماوية، ونفس الجاني أولاً مضمونة لو تلفت بآفة سماوية.

وأيضاً: فإن الوديعة لو أتلفها أجنبي لضمنها لهما؛ فكذلك إذا أتلفها أخوه؛ بخلاف ما لو قتل الجاني [أولاً أجنبيٌّ]؛ فإن ديته تكون لورثته على الأجنبي، ودية المقتول أولاً في تركه قاتله، على أن في هذه الصورة – أيضاً – وجهاً حكاه الرافعي: أن دية المقتول أولاً تجب على الأجنبي، ولا تجب في تركة القاتل.

وقد حكى في مسألة الكتاب عن ابن سريج قول ثالث مخرج: أن الذي لم يقتل من الابنين يتخير بين أن يأخذ حقه من أخيه، وبين أن يأخذه من تركة الجانين وينزلان منزلة الغاصب، والمتلف من يد الغاصب.

تنبيه: محل قولنا: إن نصيب الذي لم يقتص من الدية يأخذه من أخيه إذا كانت دية المقتول أولاً ودية قاتله مستوية، أما لو اختلفتا؛ بأن كان المقتول أولاً مسلماً، وقاتله ذميّ – فإن الواجب على المقتص في هذه الصورة نصف دية الذميّ، وهو سدس دية المسلم، ولأخيه نصف دية مسلم؛ فقد قال ابن الصباغ: لو قلنا: إنه يرجع عليه، لم يمكن أن يرجع عليه بنصف دية المسلم، ولا يمكن أن يرجع على أخيه، وورثة القاتل؛ لأن على هذا القول: أخوه أتلف جميع حقه،

<<  <  ج: ص:  >  >>