وفي كلام القاضي أبي الطيب ما يمنع [أنه سبب] الوجوب؛ كما سنذكره.
ولا يجب القصاص في بقية الأصابع، وإن قلنا بوجوب القصاص بالسراية إلى الأجسام – كما افهمه قول الشيخ – وجبت دية بقية الأصابع؛ [لحدوثها من معفوّ عنه].
أما إذا قال: عفوت عن هذه الجناية، ولم يزد- فقد حكى البندنيجي والمحاملي عن نص الشافعي في "الأم" فيما إذا لم تسر إلى الكف: أنه عفو عن القود، دون العقل؛ لأنه ما عفا عن المال.
وزاد المحاملي في الحكاية عنه: فإذا سقط وجبت الدية. ثم قال: وهذا مفرع على قولنا: إن موجب العمد القود، أما إذا قلنا: موجبه أحد الأمرين، ففي بقاء دية الاصبع احتمالان، وكذلك حكاهما الرافعي عن القاضي الروياني.
وفي "الحاوي": أنه عفو عن القصاص وعن دية الأصبع؛ إذا قلنا: الواجب أحد الأمرين، وإن قلنا: الواجب القود، ولا تجب الدية إلا باختيارها – لم يصح.
قلت: وما ذكروه يظهر جريانه في مسألتنا؛ لأن السريان لا يظهر له معنى في دية الأصبع، وأما دية بقية الأصابع- فتجب، ولا يجيء فيها الوجه السابق؛ نظراً إلى صحة الإبراء عما لم يجب، ولكن جرى سبب وجوبه.
نعم حكى الطبري، والقاضي الحسين وغيرهما من المراوزة وجهاً:[أنها لا تجب]؛ موجهين ذلك بأن السراية تولدت من جناية غير مضمونة؛ فلم تكن مضمونة؛ كما لو قطع يد مرتد، فأسلم، ثم سري – لم تكن تلك السراية مضمونة؛ [وكما] لو قال لشخص: اقطع يدي، فقطعها، فسرى القطع على عضو آخر، وقضية هذا التعليل: أن يطرد هذا الوجه فيما إذا سرت الجناية إلى النفس، لكن القاضي حكى وجوب مازاد على دية الأصبع بلا خلاف.
ثم [من] طريق الأولى – على هذا الوجه – لا يجب القصاص في بقية