للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن قلنا بقول الصحة، وخرجت من الثلث – برئ منها، وإلا برئ بقدر ما يخرج منه، ووجب الباقي. وإن قلنا بالمنع وجب جميع دية النفس، ولم يبرا منها بالعفو عنها.

قال الماوردي: وسواء ما وجب بالجناية قبل العفو، وما حدث [بعده بالسراية]؛ لأن سراية جنايته إلى النفس قد جعلته قاتلاً.

فإن قيل: إذا أبطلتم الوصية للقاتل، وأبطلتم عفوه عن الدية؛ فهلا بطل عفوه عن القصاص؛ لأنه وصية للقاتل؟!

قيل: لأن الدية مال، والقود ليس بمال؛ بدليل عدم صحة الوصية به لأجنبي، بخلاف الدية.

فإن قيل: لِمَ كان العفو كالوصية إذا سرت إلى النفس على أحد القولين، ولم يكن كالوصية إذا سرت إلى الكف واندمل، قولاً واحداً؟

قال البندنيجي: قلنا: لأنها إذا سرت إلى النفس كان ذلك عطية تجب بالموت؛ فكانت وصية، وإذا اندمل الكف، ولم يمت – كان إبراء عن عقلها؛ فلهذا لم يصح عما لم يجب.

وهذا الجواب فيه نظر؛ لأنا قد ذكرنا أن جعله وصية من طريق الحكم، لا أنه وصية حقيقة، وإذا كان كذلك: فإن كانت مسألة الاندمال مصورة بما إذا صح، ولم يمت من تلك الجراحة ولا من غيرها، فهذه الحالة لا يعتبر فيها التبرعات من الثلث، بل من رأس المال؛ فانقطع عن التصرفات فيها حكم الوصية.

وإن كانت مسألة الاندمال مصورة بما إذا كان في حالة البراءة مريضاً ومات من ذلك المرض – فالإبراء هاهنا في معنى الوصية؛ فلا يحصل بما ذكره جواب، [والله أعلم].

وفي "الجيلي": أن الشيخ أبا محمد في "السلسلة" خرج الخلاف في مسألة الكف على القولين في الوصية للقاتل.

ثم اعلم أن القول [بأن هذا وصية للقاتل] مفرع على أن صورة الوصية

<<  <  ج: ص:  >  >>