للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الاستيفاء إنما يجوز بآلة مخصوصة، والإمام هو المتفقد لها، وأمر الدم خطير؛ فلا وجه لتسليط الآحاد عليه.

فلو فعل دون إذن الإمام، اعتد به، وعزر.

وحكى القاضي أبو الطيب عن أبي إسحاق المروزي، والماوردي عن منصور التيمي المصري من أصحابنا: أن للمستحق الاستقلال باستيفائه؛ لأنه حق ثبت بنص القرآن، وبالإجماع، وما كان هكذا لم يفتقر في استيفائه إلى إذن الإمام.

[وحكى الجيلي في باب حد القذف وجهاً مخرجاً: انه لا يعتد به].

وظاهر المذهب الأول، ويستوي فيه قصاص النفس والطرف.

ويستحب أن يحضر الإمام لاستيفاء القصاص شاهدين؛ لأنه ربما جحد المقتص؛ فقال: لم اقتص، ويطالب بالدية، وينبغي ان يضرب عنقه- إذا استحق القتل – من خلف قفاه، وأن يعصب عينيه؛ لأنه أرفق به، قاله الماوردي.

قال: وعليه أن يتفقد الآلة التي يستوفي بها؛ كي لا تكون مسمومة أو كالة؛ فيحصل للمقتص منه بها مثلة وتعذيب، وليس له ذلك، قال صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ".

وفي "تعليق" القاضي الحسين وجه: أنه لا يمنع من استيفاء قصاص النفس بآلة مسمومة؛ إذ المقصود إزهاق الروح.

قال الإمام: ولعله الأصح، وذكر أن محله إذا لم يتحقق تفتيت الجثة به؛ بحيث يمنع من الغسل، أما إذا تحقق ذلك فلا يجوز بلا خلاف.

ثم ما ذكرناه من منع الاقتصاص بالآلة المسمومة [والكالة، إذا لم تكن الجناية بكالة أو مسمومة]، أما إذا كانت به، فهل يقتل بمثله، أما بصارم؟ فيه وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>