للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإن وجب القصاص على حامل، أي: في النفس أو الطرف؛ كما صرح به الرافعي وغيره، وثبت حملها، [أو أمارته] الظاهرة بالبينة، أو بإقرار الولي.

قالك لم يستوف حتى تضع:

أما في النفس؛ فلقوله تعالى: {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء:٣٣]، أي: لا يقتل غير القاتل، وفي قتل الحامل قتل غير القاتل وهو الحمل، وقد روي:"أن عمر – رضي الله عنه – أمر برجم امرأة أقرت بالزنى، وهي حامل، فردها عليّ – كرم الله وجهه – وقال لعمر – رضي الله عنه -: إنه لا سبيل لك على ما في بطنها، فقال عمر: لولا عليّ لهلك عمر".

وقيل: عن القائل لعمر هذا القول معاذ بن جبل، وإن عمر قال له بعد تركها: عجز النساء أن يلدن مثلك يا معاذ! وهذا ما حكاه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ.

وقال الماوردي: إن الأول أثبت.

ولأنه اجتمع هاهنا حقان: حق الطفل، وحق الولي في تعجيل القصاص، ومع الصبر يمكن استيفاء الحقين؛ فكان أولى من تفويت أحدهما.

قال القاضي أبو الطيب: وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين؛ فهو إجماع.

وأما في الطرف؛ فلأن فيه إجهاض الجنين، وهو متلف له؛ كما يتلفه استيفاء قصاص النفس.

ثم في [حالة الحمل] تحبس إلى أن يمكن استيفاؤه – كما قلنا – فيمن وجب عليه قصاص لصبي أو معتوه، وهل للولي أخذ الدية في الحال؛ للحيلولة؟ حكى الإمام أن الشيخ أبا بكر الصيدلاني ألحقه بما إذا قطع إنسان أنملة عُليا من شخص، ووسطى لشخص آخر، وامتنع صاحب العليا من تعجيل القصاص، وطلب صاحب الوسطى أخذ المال؛ للحيلولة، وللأصحاب فيها وجهان.

<<  <  ج: ص:  >  >>