للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برضاعه؛ فإن لبن النساء أوفق للطفل، وكذا الأولى في حقه إذا لم توجد مرضعة راتبة له ألا يستوفيه؛ لئلا يختلف عليه لبن النساء، وعلى هاتين الحالتين حمل قول الشافعي؛ فإن لم يكن لولدها مرضع فأحب إليَّ لو ترك بطيب نفس الولي حتى توجد له مرضع، فإن لم يفعل قتلت.

ولو علم [أنه] ستوجد له من تترتب لرضاعه، ولكن لم تتعين في الحال، ولا تسلمته – ففي جواز تعجيل قتلها [قبل تعيين] مرضعة وتسلمه وجهان:

أظهرهما في "الحاوي": الجواز، وبه جزم غيره، وقالوا: إذا كان في البلد مرضعة واحدة أجبرت بعد القتل على الرضاع، وإن كان فيه أكثر من واحدة أجبرت واحدة منهن عليه بالأجرة.

فرع: إذا بادر الولي وقتلها قبل استغناء الولد بلبن غيرها، ومات الولد بسبب ذلك- فهل يجب ضمانه؟

قال القاضي أبو الطيب: سمعت الماسرجسي يقول: سمعت أبا عليّ بن أبي هريرة يقول: لا يضمنه؛ لأن أكثر ما فيه أنه حال بينه وبين ما يقوم به؛ فهو [بمنزلة ما] لو أخذ زاده في البرية؛ فمات من الجوع؛ فإنه لا يضمنه، كذلك هاهنا.

قال الماسرجسي: ثم سمعته يقول بعد ذلك: إن عليه القصاص؛ لأنه لو حبس رجلاً في بيت، ومنعه الطعام والشراب؛ فمات – وجب عليه الضمان، كذلك هاهنا. وهذا ما أجاب به الشيخ أبو حامد في "التعليق"، وحكاه القاضي ابن كج عن النص، وحكى الرافعي أن الماسرجسي قال: سمعت ابن أبي هريرة يقول: عليه دية الولد؛ فقلت له: أليس لو غصب طعام رجل في البادية أو كسوته؛ فمات جوعاً أو برداً – لا ضمان عليه، فما الفرق؟ فتوقف، ثم [لما] عاد على الدرس – قال: لا ضمان فيهما جميعاً.

قال: وإن ادعت الحمل، فقد قيل: يقبل قولها؛ لقوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>