أخرجه البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة، ولأنه لو أدرك ركعة من الجمعة كان مدركاً لها، وهي مما لا يُقْضَى، وهذا ما حكاه البندنيجي عن نصه في القديم والجديد، وابن الصباغ [عن "الأم"] و"المختصر"، وبه قال ابن سريج، وأبو علي الطبري، وابن خيران.
وقال أبو إسحاق المروزي: ما فعل في الوقت أداء، وما فعل بعده قضاء؛ نظراً إلى الواقع، ولأنه لو وقع ركعة من الجمعة في الوقت، وباقيها خارج الوقت؛ لا تتم جمعة، ولو كان الكل أداء لتمت؛ كما لو وقع [جميعها] في الوقت، قال: وما قاله الشافعي- رضي الله عنه- مختص بأرباب الأعذار، فأما غير المعذورين إذا أخر الصلاة عن وقتها كان مفرطاً، وكان فعل الصلاة قضاء. وقال: إن الشافعي- رضي الله عنه- نص عليه في غير ما موضع.
وقد تحصل من هذا: أنه إن أخر بعذر كانت كلها أداء، وإلا فهو محل الخلاف، وبه صرح الماوردي، لكنه أثبت الخلاف وجهين.
وحكى المراوزة وراءهما وجهاً ثالثاً: أن جميعها قضاء؛ نظراً إلى التسليم.
وأصحهما ما ذكره الشيخ، بل قال أبو الطيب- على ما حكاه ابن الصباغ-: إن ما حكاه أبو إسحاق عن الشافعي- رضي الله عنه- لم أجده له.
قال العراقيون والماوردي: وفائدة الخلاف: أنا إذا قلنا: إن كلها أداء، لا يأثم بتأخير الإحرام إلى أن يبقى من الوقت قدر ركعة، وإن قلنا بخلافه، أثم إذا أخر بحيث لم يبق قدر الصلاة.
وعن الشيخ أبي محمد تردد جواب فيما إذا قلنا: إن كلها أداء في جواز التأخير، واختار الإمام المنع، قال: فإن جَعْل الصلاة مؤداةً مأخوذٌ عندي من وقت العقد والنية، وما أرى إخراجَ بعض الصلاة عن الوقت قصداً، جائزاً؛ وهذا ما أورده في "التهذيب" من غير ترديد.