قال الماوردي: وفي هذا الحديث دلالة على شيء ثالث، وهو جواز القود من الجناية بغير الحديد؛ لأن الجناية كانت بقرن.
قلت: وعلى أمر رابع، وهو أن ما حصل بسبب الجناية من شين بعد الاقتصاص لا يجبر بشيء آخر.
وفي تعليق القاضي الحسين حكاية وجه: أنه لا يجوز استيفاء القصاص قبل الاندمال؛ كما سنذكره في الديّات، [والإمام حكاه في آخر النهاية، وقال: إنه بعيد، لا أعرف له وجهاً] وادّعى الرافعي أنه قول مخرج، وان الأول هو المنصوص.
قال: فإن أراد العفو عنه على الدية، قَبْل الاندمال –ففيه قولان:
أحدهما: يجوز؛ لأن الدية أحد البدلين؛ فكان له الرجوع إليها قبل الاندمال؛ كالقصاص.
قال القاضي الحسين: وهذا اخذ من نص الشافعي في كتاب المكاتب، فيما إذا جنى السيد على عبده المكاتب، فقطع يده: أن له أن يعجل أرش يده قصاصاً من كتابته.
وقال الرافعي: إنه أخذ من نصه في تعجيل القصاص.
فعلى هذا: لو كان أرش الطرف زائداً على دية؛ مثل أن قطع يديه ورجليه؛ فهل له أخذ الزائد على دية النفس؟ فيه وجهان، حكاهما الشيخ أبو حامد:
أحدهما –وبه قال أبو إسحاق-: لا؛ لأن دية النفس في هذا المقام هي المحققة، وما زاد مشكوك فيه.
والثاني: نعم؛ لأن الأصل بقاء استحقاق ذلك، وعدم السراية.
قال: والثاني: لايجوز؛ لأن الأرش لا يستقر قبل الاندمال؛ إذ قد يسري القطع؛ فيدخل أرشه في دية النفس، وقد يشارك الجاني فيه شخص آخر، أو