قال: وإن اقتصّ في الطرف، ثم سرى إلى نفس المجني عليهن ثم [سرى] على نفس الجاني – فقد استوفى حقه؛ لأن السراية لما كانت كالمباشرة في إيجاب القصاص، وجب أن تكون كذلك في استيفائه.
قال المحاملي: وهكذا الحكم لو اقتص من الجاني في الطرف، فعاد وقتل المجني عليه، ثم سرى القطع غلى نفسه؛ فإنه يجعل قصاصاً؛ لأنها سراية عن قصاص بعد وجوب القصاص.
وهكذا الحكم إذا قطع يدي إنسان، [فسرى القطع إلى النفس، فقطع الولي إحدى اليدين،] ومات الجاني قبل قطع الأخرى – يجعل مستوفياً لحقه، ولا تجب دية اليد الأخرى؛ لأن الجرح قد صار قتلاً، وقد استوفاه بالسراية.
تنبيه: احترز الشيخ بقوله:"ثم سرى إلى نفس الجاني" عما إذا اقتصّ [في الطرف]، فسرى إلى عضو آخر، لا إلى النفس، كما إذا قطع أصبعه، فسرى إلى كفه، ثم قطع أصبع الجاني؛ فسرى [-أيضاً-] إلى الكف؛ فإن الشافعي نص في موضع – كما ادعاه الرافعي – على أنه لا قصاص.
وقال في المختصر فيما إذا أوضحه؛ فذهب ضوء عينه وشعر رأسه؛ فاقتص المجني عليه في الموضحة؛ فذهب ضوء عينه، وشعر رأسه: إنه يكون مستوفياً لحقه. ولو لم يذهب ضوء عين الجاني، وثبت شعره – فعليه دية البصر، وحكومة الشعر. وفي [هذا النصّ] إيقاع الشعر [في مقابلة الشعر] وهو من الأجسام؛ فأشعر بأن السراية إلى الجسم تقع قصاصاً.
واختلف الأصحاب – لأجل ذلك – في حصول الاستيفاء بالسراية إلى ضوء العين والطرف؛ إذا لم نوجب القصاص فيهما بالسراية والشعر – على طرق:
إحداها: المنع في الجميع، والقائلون به اختلفوا:
فمنهم من قال: إنما أراد الشافعي بالشعر: شعر موضع الموضحة؛ فإنه يتبع