الثاني: إذا قلع سن كبير لم يثغر أنه [لا يجوز] القصاص في الحل.
وقياس قول الشيخ أبي حامد في المسألة السابقة، أنه لا قصاص إلا بعد مراجعة أهل الخبرة؛ وهو قضية ما حكاه الرافعي؛ حيث قال: إذا قلع غير مثغور سن غير مثغور فلا قصاص في الحال؛ لأن الغالب في السن المقلوعة النبات؛ فإن نبتت فلا قصاص ولا دية؛ وإن لم تنبت وقد دخل عليه وقته؛ فالمجني عليه يأخذ الأرش أو يقتص، وعلى هذا يكون ذكر الصبي لا للتقييد؛ بل لأن الغالب أن السن الذي لم يثغر: سن الصبي.
فرع: إذا اقتص من الجاني بقلعه سن من قد اتَّغَر، أو أخذ منه الأرش، فعاد سن المجني عليه؛ فقولان منصوصان جاريان فيما لو قطع لسانه فنبت:
أحدهما: أنه نعمة مجددة، وهذا هو الأصح في مجموع المحاملي، وقد قيل: بالقطع به في اللسان، فعلى هذا: يرجع الجاني على المجني عليه بأرش السن خمس من الإبل.
وعن رواية أبي الطيب بن سلمة: أنه لا يطالب في صورة الاقتصاص بشيء؛ بخلاف أخذ الأرش، فإن أخذ الأرش المدفوع ممكن؛ بخلاف القصاص.
ولو انعكس الحال؛ فعاد سن الجاني، دون المجني عليه، فعلى الأول: لا شيء عليه، وعلى الثاني وجهان:
أحدهما: يقلع ثانياً، وكلما عاد قلع؛ لأن الجاني أعدم نبات [سن] المجني عليه؛ فوجب أن يفعل به مثل ذلك.
والثاني: لا يقلع، وعلى هذا فوجان حكاهما الماوردي:
أحدهما-وبه جزم أبو الطيب والمحاملي-: أنه يؤخذ منه أرش السن، وهو خمس من الإبل.