وهذا ما أبداه الإمام احتمالاً موجهاً لذلك: بأن هذا الظن بعيد، والظنون البعيدة لا تدرأ القصاص، لكن المحكي عن القفال وغيره: انه لا قصاص؛ لان ما يقوله ممكن.
ولو قال القاطع: دهشت؛ فلم أدر ما صنعت، وكان المخرج قد قال ذلك –قال الإمام: لزمه القصاص في اليسار؛ لأن الدهشة السالبة للاختيار لا تليق بحال القاطع.
قال: وإن اختلفا في العلم أي: في علم الباذل بأنها اليسار؛ كما قاله البندنيجي وغيره، وأن قطعها لا يجزئ عن اليمين – فالقول قول الجاني؛ لأنه أعرف بحاله، مع أن الأصل عدم العلم؛ فإن حلف ثبتت له ديتها، وإن نكل فيحلف القاطع انه ما بذلها إلا وهو يعلم أنها [لا تقع] بدلاً عن اليمين، وتكون الجناية هدراً.
قال: وإن تراضيا على أخذ اليسار؛ فقطع – لزمه دية اليسار؛ لأن الصلح لم يصح، فإن القصاص إذا تعلق بمحل لم يجز استيفاء غيره ولو بالتراضي: كقطع اليد عن الرجل، وبالعكس، وقد سقط القصاص؛ لبذل صاحبها إياها؛ فتعين وجوب الدية؛ لأن البذل كان في مقابلة ما عليه؛ فإذا لم يسلم له، وقد فات ما بذله، وجب أن يرجع إلى بدله؛ كما في العقود الفاسدة.
قال: وسقط قصاصه في اليمين؛ لأن عدوله إلى اليسار رضا منه بترك القصاص فيها.
وقيل: لا يسقط؛ لأنه أخذ اليسار، على أن تكون بدلاً عن اليمين؛ فإذا لم يسلم البدل والمبدل قائم بحاله – استحق أخذه؛ فعلى هذا يجيء ما تقدم في قطع اليمين.
وعلى الأول تجب له الدية، وقد وجبت عليه الدية، فإن تساويا تقاصًّا، وإن اختلفا، كيد الرجل، ويد المرأة – تقاصا فيما تساويا فيه، ويردّان الفضل.