والفرق بينه وبين المرتد أن المرتد مباح الدم إلا أن يتوب من ردته، والزاني محظور النفس إلا أن يقيم على إقراره.
تنبيه: في عدم إيجاب الدية في الحالتين اللتين ذكرهما الشيخ دليل ظاهر على عدم إيجاب القصاص أيضاً؛ لأن القاعدة العامة: أنها متى انتفت انتفى القصاص، ولا يستثني منها إلا [مسائل قليلة:
منها: إذا قطع [من إنسان] ما بدله دية كاملة، ثم قتله، أو سرت الجراحة إلى نفسه؛ فقطع الولي من الجاني مثل ما قطعن ولم يسر الجرح؛ فإن القصاص في النفس ثابت، ولو أراد العفو عنه على الدية لم يثبت.
ومنها: المرتد إذا قتله ذميّ، يجب عليه القصاص على وجه دون الدية إذا آل الأمر إليها.
[ومنها: إذا قتل العبد عبد سيده يجب عليه القصاص، ولا دية].
وقد أطلق الشيخ في المهذب، والقاضي أبو الطيب، وابن الصباغ وغيرهم القول بأن الزاني المحصن إذا قتله مسلم هل يجب عليه القصاص أم لا؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأن ولي قتله هو الإمام، فإذا تولاه غيره، أقيد منه؛ كالقاتل إذا قتله غير ولي المقتول بغير إذنه.
وأصحهما – وهو الذي عليه جمهور [أصحابنا] كما قاله الماوردي، واختاره الإمام، وروى عن المراوزة: القطع به، وعزاه المصنف إلى النص، يعني في "الأم"؛ كما حكاه المحاملي -: عدم الوجوب؛ كما قلنا: إنه مقتضى كلام الشيخ هنا، واستدل له القاضي أبو الطيب وغيره بما روى سعد بن أبي وقاص قال:"قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ لَو أَنَّ أَحَدَنَا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَكَانَ يَقْتُلُهُ، أَوْ حَتَّى يَاتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَفَى بِالسَّيفِ شَا" وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ: شَاهِداً؛ فَلَمْ يُتِمَّ الكَلاَمَ، ثُمَّ قَالَ: لاَ حَتَّى يَاتِي بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ".