قال الرافعي: ويشبه أن يكون هذان القولان المذكوران فيما إذا قتل من ظنه كافراً؛ لكونه على زيّ أهل الشرك؛ لأن كونه مع الكفار في صف القتالن يغلب على الظن كونه كافراً، وقد سبق أن الأظهر منهما: أنها لا تجب.
ولو قصد بالرمي كافراً؛ فأصاب المسلم، قال: إن لم يعلم أن في الصف مسلماً، لم تجب، وإن علم أن فيه مسلماً، أو عرف مكانه، وجبت.
وحكى الإمام عن شيخه في هذه الصورة تخريج قولين، وقال: إن ذلك منقاس حسن، ونظيرهما ما حكاه القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ في كفارة القتل؛ فيما إذا قتل مسلماً في دار الحرب خطأ والذي حكاه الماوردي في كتاب السير فيما إذا قتل مسلماً في دار الحرب، ولم يعلم به أنه [إن قتله] خطأن لم يجب إلا الكفارة، وإن قتله عمداً، ففي وجوب الدية قولان:
اختيار المزني منهما عدم الوجوب؛ لأن الجهل بإسلامه يغلب حكم الدار.
والثاني: اختاره أبو إسحاق المروزي؛ تغليباً لحكم قصده.
ثم حيث نوجب الدية: فإن كان قد قصده، كانت الدية في ماله، وإن كان لم يقصده، فهي على العاقلة مخففة في ثلاث سنين.
وفي تعليق القاضي الحسين ما يوهم خلافاً في هذه الحالة؛ فإنه قال في كتاب "السير": إذا لم نوجب القود عليه ففي الدية وجهان:
أحدهما:[تجب] مغلظة في ماله.
والثاني: تجب على عاقلته؛ لأنه شبه عمد؛ حيث لم يقصده، وإنما قصد غيره، وهذا حكم الدية.
وأما الكفارة فتجب في كل حال، إلا على طريقة سنذكرها في باب كفارة القتل.
والقصاص لا يجب على الصحيح، وسنذكره في قتال المشركين، عن شاء الله تعالى، والله أعلم.