وأما المصدوم؛ فلأنه متعد بقعوده في ذلك الموضع، وقد حصل الهلاك به؛ فضمن؛ كما لو وضع حجراً فهلك به إنسان، وهذا ما نص عليه الشافعي، رضي الله عنه.
أما إذا كان الطريق واسعاً فعلى عاقلة العاثر دية المصدوم، وديته هدر.
وهكذا الحكم فيما لو كان القاعد واقفاً؛ فعثر به إنسان؛ فماتا.
وعلى الحالة الأولى حمل أكثر الأصحاب قول الشافعي في القديم: إن دية الجالس على عاقلة العاثر، ودية العاثر على عاقلة الجالس. وحملوا قوله في الجديد:"لو كان أحدهما واقفاً، فصدمه الآخر؛ فماتا – فدم الصادم هدر، ودية المصدوم كلها على عاقلة الصادم" على الحالة الثانية، وهي سعة الطريق، ولم يجعلوا اختلاف قوله في الجديد والقديم اختلاف قولين.
وحكى القاضي أبو الطيب أن من الأصحاب من قال:[إن] المصدوم تكون كمال ديته على عاقلة العاثر، وأما دية العاثر؛ فهل تلزم عاقلة المصدوم؟ فيه قولان.
وهذا من القاضي يدل على جريان طريقة القولين في الواقف في الحالين، [وهو] ما صرح به البندنيجي، وكلام الماوردي مصرح بأنهما في الحالين خاصة.
وفرق على القديم بينه وبين الواقف: بأن القيام في الطرقات لا يستغني عنه، ولا يجد الناس بدًّا منه؛ بخلاف الجلوس؛ فإن مواضعه في غير المسالك المطروقة.
وحكى الفوراني والقاضي الحسين والمسعودي مع النص الذي ذكرناه عن الجديد في العاثر بالقائم – نصًّا آخر: أن العاثر بالقاعد، والنائم في الطريق؛ إذا مات تجب دية الصادم على عاقلة المصدوم، وتهدر دية المصدوم.
وأن منهم من جعل فيهما قولين نقلاً، وتخريجاً:
أحدهما: في الواقف النائم تهدر دية المصدوم، وتجب دية الصادم على عاقلتهما.
والثاني: تهدر دية الصادم منهما، وتجب دية المصدوم.
وأن منهم من أجرى المسألتين على ظاهرهما، وهو الصحيح عند القاضي الحسين والبغوي، والفرق ما حكيناه عن الماوردي، وعلى ذلك جرى الإمام