دية الخطأ في ماله، بعد إحلافه، ولا تتحملها العاقلة عنه؛ لأنه اعتراف، إلا أن يصدقوه؛ فيتحملوا عنه.
وتوسط المتولي، والغزالي وإمامه، والصيدلاني، فقالوا: إن كان الغالب أنه يصيب من قصدوه فهو عمد [يتعلق به القصاص والدية المغلظة في أموالهم، وإلا فهو عمد] خطأ، وهذا ما صدر به القاضي الحسين كلامه فيما إذا كانوا قلَّما يخطئون في القتل بذلك، ثم قال: ومن أصحابنا من قال: لا يجب القصاص؛ لأن الإصابة منهم نادر؛ بخلاف الرمي.
ولو قصد بالرمي قتل واحد من عشرة لا بعينه، قال الماوردي: فلا قود، ويجب [فيه] عمد الخطأ؛ لأنهم عمدوا الفعل، وأخطئوا في تعيين النفس.
وقد روى الدارقطني في "سننه"، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس – رضي الله عنهم – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ قُتَلَ فِي عِمِّيَّا رِميا بِحَجَرٍ، أَوْ ضَرْباً بِعَصاً فَعَلَيْهِ عَقْلُ الْخَطَأِ، وَمَنْ قُتَلَ اعْتِبَاطاً فَهُوَ قَوَدٌ، لا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَاتِلِهِ؛ فَمَنْ حَالَ بَيْنَهُمَا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفاً وَلاَ عَدْلاً" قال الماوردي: والعِمِّيَّا: ان يرمي [إلى] جماعة؛ فيصيب أحدهم لا بعينه. والاعتباط: أن يرمي أحدهم بعينه.
ولأن قصد عين الشخص معتبر في العمدية؛ ألا تراه لو قال: اقتل أحد هؤلاء، وألا قتلتك؛ فقتل أحدهم –لايجب القصاص على المكره؛ لأنه لم يقصد عين أحدهم؟!
وقد وافق على انتفاء القصاص القاضي الحين، مع تيقن مصير بعضهم مقتولاً؛ بأن كانوا في حصن أو نحوه، وقاسه على ما لو رمى سهماً إلى جماعة، ولم يقصد واحداً منهم بعينه؛ فأصاب واحداً. ثم قال: ويحتمل وجهاً آخر: أنه يجب؛ كما لو رمى إلى جماعة من الظباء سهماً؛ فأصاب واحداً – يحل؛ كذا هذا مثله.
وهذا الاحتمال قد حكينا مثله وجهاً في مسألة الرمي عن رواية المتولي وغيره