ويحتمل أن يقال: لمن [عليه] الدية أن يكلفه قبض ما عليه؛ لتبرأ ذمته.
ولم يصر أحد من الأصحاب إلى أنه لو أخذ الدراهم، ثم وجدت الإبل – يرد الدراهم، ويرجع إلى الإبل؛ بخلاف ما إذا غرم قيمة المثل في الغصب والقرض – لإعوازه – ثم وجده؛ فإن في الرجوع إلى المثل خلافاً.
تنبيه: الإعواز [حقيقة: عدم] الوجود [في تلك الناحية، ويقوم مقامه الامتناع من البيع مع وجودها] إلا بأكثر من ثمن المثل.
ولو كانت في غير البلد والقبيلة، فينظر: إن قربت المسافة وسهل تحصيلها، فهي كالموجودة، فإن بعدت بحيث تعظم المشقة الكلفة فهي كالمعدومة.
وبم يضبط القرب والبعد؟
أشار بعضهم إلى رعاية مسافة القصر؛ فجعلها فما فوقها من حد البعد.
وقال الإمام: لو زادت مؤنة إحضارها على قيمتها في موضع العِزَّة لم يلزمه إحضارها، وإلا لزم.
وقال في "التتمة": إن حد القرب والبعد ما ذكرناه في كتاب السلم.
قال: ودية اليهودي والنصراني: ثلث دية المسلم؛ لما روى أبو إسحاق المروزي في "الشرح" بإسناده، عن موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى، عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"دَِيةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرانِيِّ ثُلُثُ دِيَّةِ الْمُسْلِمِ".
ولأنه أقل ما قيل، والأصل براءة الذمة مما زاد.
ولا فرق في ذلك بين أن تكون قد عقدت له الذمة، أو دخل معاهدا، ً أو مستأمناً في ساعة من نهار.
والسامرة والصابئة، قال الماوردي: إن أجروا مجرى اليهود والنصارى في إقرارهم بالجزية، وأكل ذبائحهم، ونكاح نسائهم – كانت ديتهم ثلث دية المسلم، وإن لم يقروا بالجزية؛ لمخالفتهم اليهود والنصارى في أصل معتقدهم؛ فديتهم – إذا كان لهم أمان – دية المجوسي.