وأيضاً: فإنه جعل مقدراً، وأقل أرش ورد به الشرع مقدراً دية الموضحة والسن؛ فألحقت هذه الجناية بهما، ولا ترد الأنملة؛ فإن التقدير فيها بالاجتهاد، والذي [ورد] من الشرع فيها تقدير الأصبع.
ثم القيمة تختلف باختلاف الخطأ وعمد الخطأ؛ فإن كانت الجناية خطأ فالغرة مخمسة في حق العاقلة، وإن كانت عمد خطأ فتكون مثلثة: حقة ونصف، وجذعة ونصف، وخلفتان، وهذا ما حكاه القاضي أبو الطيب، والبندنيجي أيضاً، وقال: إنه مفرع على الجديد.
أما إذا قلنا: قيمة الإبل – عند الإعواز- مقدرة؛ فيعتبر هنا أن تكون قيمة الغرة خمسين ديناراً، أو ستمائة درهم، يعني في الخطأ، وتزاد للتغليظ قدر الثلث؛ عملاً بما ذكرناه من قبل، وهذا ما صرح به الماوردي عن جمهور البغداديين، ونسب الأول إلى قول البصريين، وقال: إنا عليه نقوِّم الإبل الخمس، فما انتهت [إليه] قيمتها، اعتبرنا أن تكون قيمة الغرة ذلك القدر؛ لأن الإبل ليست من جنس القيمة.
وفي "تعليق" القاضي الحسين، في أوائل باب الديات: أنا إن قلنا: إن الواجب عند إعواز الغرة –قيمتها؛ فلا تغلظ، وإن قلنا [عند] إعوازها: تنتقل إلى خمس من الإبل، فهل تغلظ، أم لا؟
فالمذهب: أنها لا تغلظ.
وحكى عن الشيخ أبي طاهر الزيادي أنه قال: تغلظ؛ كما في الأطراف. وهذا يفهم أحد أمرين:
أحدهما: أن ذلك راجع إلى الغرة نفسها مع وجودها.
والثاني: أن ذلك مفروض عند عدمها وإيجاب غيرها، وهو الذي فهمه الرافعي، وقال: إن الأئمة [لم] يتكلموا في التغليظ عند وجود الغرة، إلا أن الزيادي قال: