ولا خلاف عندنا أنه لو انفصل بعد موتها بالجناية عليها، وهي حية: أن الغرة تجب، ولو ضرب بطن ميتة؛ فانفصل منها جنين ميت – لم تجب الغرة؛ لأن الظاهر أن هلاكه بهلاك الأم، قاله في "التهذيب"،وادعى الماوردي الإجماع فيه.
وعن "جمع الجوامع" للروياني: أن القاضي الطبري قال: يجب ضمان الجنين؛ لأن الجنين [قد] يبقى حيًّا في بطن أمه، والأصل بقاء حياته.
قال: تدفع إلى ورثته أي: لو انفصل حيًّا، ثم مات؛ لأنها دية نفس.
واحترز الشيخ بذلك عن مذهب من قال: إنها تصرف للأم، هو الليث بن سعد؛ لأنه بمنزلة أعضائها؛ بدليل انه تابع لها في الرق والحرية.
وعن مذهب من قال: إنها للعصبة خاصة، وهو علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه!
وعن مذهب من قال: إنها للأبوين خاصة، وهو ربيعة؛ لخلقه من مائها.
ورثته الأم إن كانت حرة حية عند انفصاله، والعصبة، وقدرنا حياة الجنين؛ تغليظاً على الجاني، ولم نقدرها عند إنفاق مال الجنين؛ لأن الأصل عدمهما.
واعلم أنه لا يجب للأم شيء بسبب ما حصل لها من ألم الجناية والضرب، إذا لم يبن له أثر في بدنها كاللطمة والرفسة، فأما إجهاضها عند إلقائه ففيه قولان حكاهما القاضي أبو حامد في "جامعه":
أحدهما: لا شيء لها فيه أيضاً.
والثاني: لها فيه حكومة؛ لأنه كالجرح في الفرج عند خروج الجنين منه؛ فلو اقترن بذلك أثر الضرب في بدنها، ضمن حكومة للضرب، وحكومة للإجهاض.
تنبيه: سمي الجنين جنيناً؛ لاستتاره، ومنه: الجن، وجن عليه [الليل]، والمجن: بكسر الميم، وهو الترس.