والأصح: تعين الثاني، إلا ألا توجد غرة بهذه القيمة؛ فيكون الحكم كما سنذكره.
وقيل في المسألة قول مخرج: أن الاعتبار بالأب، وهو ما حكاه الإمام عن رواية صاحب "التقريب".
وحكى القاضي الحسين وغيره عن أبي الطيب بن سلمة: أن الاعتبار بأخف الأبوين ضماناً؛ لأن الأصل براءة الذمة عن الزيادة، وهذا ما اختاره الماوردي من عند نفسه.
والقول والوجه مأخوذان من الخلاف في أن المسلم هل ينكح المتولدة من أبوين كتابي ومجوسية، وهذا كله تفريع على الصحيح في أن الغرة يعتبر فيها القيمة، أما إذا قلنا: لا تعتبر – كما حكاه الإمام عن المراوزة – فهاهنا ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الواجب غرة كاملة، ولا يبالي بالتسوية بينه وبين الجنين المسلم؛ لأنه لا سبيل إلى الإهدار، ولا إلى تجزئة الغرة.
قال الرافعي: وقد يحتج له بظاهر ما يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم "أَنَّهُ قَضَى فِي الْجَنِينِ بِالغُرَّةِ".
والثاني: أنه لا يجب في جنين الكافر- كيف قدر – عبد ولا جزء من عبد؛ لأنه لا يمكن التسوية بينه وبين الجنين المسلم؛ كما لا يسوَّى بين المسلم والكافر في الدية، والتجزئة ممتنعة، وهذا ما قطع به الشيخ أبو محمد والصيدلاني، وصاحب "التقريب"، وبعض المصنفين؛ كما حكاه الإمام، وقال في موضع آخر: إن هذه الطريقة [هي] التي تعرفها المراوزة.
والثالث: الوجه الذي حكيناه عن القاضي من قبل.
فرع: إذا جنى على مرتدة حبلى؛ فأجهضت – نظر:
إن ارتدت بعد الحبل وجبت غرة كاملة؛ لأن الجنين محكوم [له بالإسلام]، وإن حبلت بعد الارتداد من مرتد، فيبني على أن المتولد من مرتدين مسلم أم كافر؟ إن قلنا: مسلم، وجبت [فيه غرة] كاملة، وإن قلنا: كافر،