قال: فإن اختلفا في حياته، أي: حال الوضع، فالقول قول الجاني؛ لأن الأصل يشهد له، فلو أقام الوارث بينة على حياته أو على استهلاله، عمل بها.
ويكفيه [في إثبات الاستهلال] شهادة النسوة؛ لأن الاستهلال حينئذ لايطلع عليه - غالباً - إلا النساء؛ كالولادة.
وعن حكاية الربيع: أنه لا يقبل إلا من رجلين، أو رجل وامرأتين.
وحكى القاضي أبو الطيب بعد حكاية ذلك عنه أن القاضي أبا حامد غلطه؛ لأن هذه الشهادة هي مستندة إلى سببها، وهي الولادة، وشهادة النساء مسموعة فيها على الانفراد.
وفي "أدب القاضي" لابن أبي الدم: أن صاحب "التهذيب" قال: وقيل: لا يثبت إلا برجلين.
والذي رأيته فيه: أن الربيع قال: و [قيل] فيه قول آخر: أنه لا يقبل إلا من رجلين عدلين، وقد حكينا عن غيره أنه حكى عن الربيع ما ذكرناه، ولعل صاحب "التهذيب" اقتصر على بعض كلامه.
فلو أقام كل منهما بينة قدمت بينة الوارث؛ لاشتمالها على زيادة علم.
ولو اتفقا على أنه انفصل حيًّا، لكن ادعى الجاني أن سببه غير جنايته، وادعى الوارث أن انفصاله بسبب الجناية -[فإن كان الانفصال عقيب الجناية] فالمصدق الوارث باليمين، وإن انفصل بعد مدة من وقت الجناية فالمصدق الجاني باليمين؛ لأن الظاهر معه، إلا أن يقيم الوارث بينة أنها لم تزل متألمة حتى أجهضت، ولا تقبل هذه الشهادة إلا من رجلين.
وضبط المتولي المدة المتخللة بما يزول فيها ألم الجناية وأثرها غالباً.
وهكذا الحكم فيما لو اتفقا على أن الجنين سقط حيًّا بجنايته، وادعى الجاني أنه مات بسبب آخر، وقال الوارث: بل بالجناية، فإن لم يمتد الزمان فالمصدق الوارث، وإلا فالجاني، إلا أن يقيم الوارث بينة على أنه لم يزل متألماً حتى الموت.