واحترز الشيخ بجوف البدن عن الوصول إلى جوف غيره؛ كما إذا جرح الذكر، فوصلت الجراحة إلى جوفه؛ فإنه لا يجب فيها أرش جائفة عند العراقيين؛ لأنه لا يخاف من الوصول إلى جوفه التلف، وقد حكى الإمام فيه وجهين.
وعما إذا وصلت إلى جوف الفم؛ فإن فيها خلافاً، كما سنذكره.
ومحل الاقتصار في الجائفة على ثلث الدية إذا وقعت الجراحة موازية للبطن، ولم تلدغ الآلة كبده ولا طحاله، أما إذا وقعت في الجسد غير موازية للجوف، وجرها إليه، أو لدغت الآلة الكبد أو الطحال – وجب ثلث الدية وحكومة، ولو كسر ضلعه من الجائفة؛ فإن نفذت الجائفة من غير الضلع لزمته حكومة للضلع، وإن لم تنفذ إلا بكسر الضلع دخلت حكومته في دية الجائفة.
قال: فإن طعنه في بطنه؛ فخرجت الطعنة من ظهره – فهما جائفتان؛ لما رواه الجمهور، عن أبي بكر – رضي الله عنه – "أَنَّهُ قَضَى عَلَى رَجُلٍ رَمَى رَجُلاً بِسَهْمٍ فَأَنْفَذَهُ، بِثُلُثِي الدِّيَةِ".
وقد روى في "المهذب" عن عمر – رضي الله عنه – نحوه، ولم يظهر لهما مخالف؛ فكان إجماعاً.
ولأن ما خرق حجاب الجوف كان جائفة؛ كالداخلة من الظاهر إلى الباطن.
قال: وقيل: هي جائفة؛ لأن الجائفة: ما وصلت إلى الجوف، والنافذة خارجة فكانت أقل من الجائفة؛ فعلى هذا يجب عليه مع أرش الجائفة حكومة؛ كذا حكاه القاضي الحسين، غيره، وهو الأظهر في "الرافعي".
وفي "النهاية": أن الشيخ أبا بكر أبدى ذلك احتمالاً لنفسه؛ لأن هذه الجراحة زائدة على الواصلة إلى الجوف؛ فاقتضى ذلك زيادة حكومة.
ثم قال الإمام: وهذا الذي ذكره فيه نظر؛ فإن تلك الزيادة التي تخيلها حقيقتها أنها جائفة أخرى، فإن مال إلى حقيقة هذا فالوجه إيجاب ثلثي دية، وإلا فلا