من مداه علم أنه لم يذهب من بصره العليلة شيء، وإن لم يره قرب منه حتى ينتهي إلى حد يراه، ويختبر ذلك بالجهات، ويحسب بأكثر ما قاله من مدى بصره بالعليلة، ويمسح؛ فإن كان خمسمائة ذراع – مثلاً – كان الذاهب النصف؛ فيؤخذ بربع الدية؛ لأنه نصف دية إحدى العينين، وعلى هذه النسبة فقس.
وقد حكى ابن الصباغ أن الشافعي رضي الله عنه قال في "الأم": لو زعم اهل العلم بالطب أن بصره يقل إذا بعدت المسافة، ويكثر إذا قربت، وأمكن هذا في المذارعة [عملت عليه].
ولفظ البندنيجي: أوجبت الحصة.
قال ابن الصباغ: وبيان هذا: أنهم إذا قالوا: الرجل إذا كان ينظر إلى مائة ذراع؛ فإذا أراد أن ينظر إلى مائتي ذراع احتاج للمائة الثانية إلى ضعفي ما تحتاج إليه الأولى من البصر؛ فحينئذ إذا أبصر بالصحيحة إلى مائتي ذراع، وبالعليلة إلى مائة- علمنا أن نقص من ضوئه ثلثاه.
قال الشافعي – رحمه الله -: "ولا أظن أن هذا يضبط"، ومن هذا اللفظ أخذ الأصحاب – كما حكاه مجلي عن الشيخ أبي حامد عنهم – أن هذا لا يمكن معرفته ولا العمل عليه.
قال: فإن ادعى نقصانه فالقول قوله – أي: مع يمينه – لأنه لا يعرف إلا من جهته.
قال: وفي العين القائمة الحكومة.
العين القائمة: هي التي بياضها وسوادها صافيان، ولا يبصر بها شيئاً، وإنما وجبت الحكومة؛ لأن في إذهابها إتلاف إجمال من غير منفعة؛ فأشبه قطع اللسان الأخرس؛ وهكذا الحكم في العين التي ركبها بياض امتنع النظر بسببه، وإن كان باقياً تحت البياض؛ لأنه لا يبصر به؛ كما لا يبصر بالذاهب من أصله.
قال الماوردي: ولا فرق في ذلك بين أن يرجى زوال البياض بالعلاج؛ فيعود البصر، أو لا.
[نعم]، لو كان البياض قد أذهب بعض البصر وبقي البعض؛ فهو على ضربين: