قال: وفي الأجفان الدية؛ لما روى بعض أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في كتاب عمرو ابن حزم: "وفي الجفون إذا استؤصلت الدية"، لكنه ليس بمشهور عند أصحاب الحديث؛ فنقول: لأنها من تمام الخلقة فيها منفعة وجمال يؤلم قطعها، ويخاف على النفس من سراية الجناية عليها؛ فكملت فيها الدية؛ كسائر الأعضاء.
ولا فرق في ذلك بين أجفان الصغير والكبير، والبصير والضرير.
قال الماوردي: وأما القود، فإن أمكن فيها، ولم يتعد ضرره إلى العينين- وجب، وإلا سقط.
قال: وفي كل أحد ربعها؛ لأن كل ذي عدد من الأعضاء تكمل فيه الدية، يقسط على عدده؛ كاليدين والرجلين في تقسيط ديتهما عليهما، وعلى الأصابع، وتقسط دية الأصابع على الأنامل، وسواء في ذلك الجفن الأعلى والأسفل.
قال: وفي الأهداب الحكومة؛ لأن فيها جمالاً ومنفعة، لكن منفعتها – وهي ذبها عن البصر – منفعة ضعيفة؛ فلم تجب لأجل ذلك بها الدية؛ كما في الأظفار.
وأيضاً: فإن الدية إنما تجب في قطع ما يخاف من سرايته، [ويؤلم في إبانته]، وهذا معدوم في الأهداب.
ومحل إيجاب الحكومة إذا نتفها، ولم تعد، أو عادت دون الأولى، لكن في الحالة الثانية تكون أقل من الأولى.
أما إذا عادت بعد النتف كما كانت، فوجهان:
أحدهما: تجب الحكومة أيضاً.
والثاني: لا شيء له؛ لعدم التأثير، ويعزر الفاعل؛ لأجل الأذى.
قال: فإن قلع الأهداب مع الأجفان، لزمه دية؛ لأن الشعر إذا كان نابتاً على العضو كان تابعاً له في الضمان؛ كشعر الوجه.
وقيل: يلزمه دية، أي للأجفان، وحكومة، أي: للأهداب؛ لأن في الأهداب جمالاً منفرداً ومنفعة منفردة؛ فوجب لها أرش منفرد.
قال الماوردي: وهذا لا وجه له؛ لأن الجفون محل الأهداب؛ فلم تنفرد بالحكومة عنها؛ كالأصابع مع الكف.