للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو جنى على السن، أبطل منفعته – وهي المضغ – وجب عليه أرشه، فلو ذهب [منه] نص المنفعة، قال الماوردي: ففيه قولان:

أحدهما: عليه ديتها تامة؛ لأنه قد يكون المسلوب من منفعتها مساوياً لمنفعة غيرها.

والقول الثاني: فيها حكومة.

ثم قال: ولو قيل بوجه ثالث: أنه إن ذهب أكثر منافعها كملت ديتها، وإن ذهب أقلها ففيها حكومة؛ اعتباراً بالأغلب- كان له وجه.

والقولان جاريان – كما حكاه الماوردي عن نصه في "الأم" –فيما إذا قلع سناً ذهب بعض منافعه وبقى البعض، وفيما إذا قلع سنًّا قد تحرك لكبر أو مرض، مع بقاء المنفعة، كما حكاه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والقاضي الحسين.

وقال الإمام: إن كان الظاهر والغالب على الظن ثباتها، وجب الأرش الكامل بلا خلاف، كما نوجب الأرش في الأعضاء الناقصة بالأمراض العارضة، وإن كان الغالب على الظن سقوطها، فهو موضع القولين، وأصحهما الوجوب.

قال: وإن جنى على سنه اثنان، [ثم اختلفا] – أي الجاني ثانياً، والمجني عليه – فقال: الجاني الأول [قد] كسر منه ثلثيه، وكسرت [أنا] ثلثه؛ فعلى ثلث الأرش، وقال المجني عليه: بل الأول كسر النصف، وأنت النصف؛ فعليك نصف الأرش.

قال: فالقول قول المجني عليه؛ لأن الأصل بقاء السن.

أما لو اختلف الجاني الأول والمجني عليه في قدر ما ذهب بجنايته من السن، فالقول قول الجاني؛ لأن الأصل براءة ذمته عما زاد على ما أقر به، مع إمكان إقامة البينة عليه.

وهذا بخلاف ما لو وقع الاختلاف في الذاهب من منفعة السن، فإن القول قول المجني عليه، كما لو اختلفا في أصل ذهاب المنفعة، لأنه لا يطلع على ذلك إلا من جهته.

<<  <  ج: ص:  >  >>