للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وفي الكفين مع الأصابع الدية؛ لما روى معاذ بن جبل – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وفي اليدين الدية". ولرواية عمرو بن حزم، أنه – [عليه السلام]- قال في كتابه إلى اليمن: "وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ مِنَ الإِبِلِ".

[وإذا وجب في الواحدة خمسون وجب] في الاثنتين مائة.

ولأنهما من أعظم الأعضاء نفعاً في البطش والعمل.

وإنما حملنا في "اليد" الخبر على الكف؛ لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:٣٨]، وقد قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مفصل الكف، فدل على أنها هي اليد لغة وشرعاً. ولأن الدية تكمل في الرجل إذا قطعت من مفصل القدم، لأنها تقطع منه في السرقة، كذلك اليد، لما قطعت من الكف في السرقة، وجب أن تختص بكمال الدية.

قال: فإن قطع ما زاد على الكف، أي: مع الكف بأصابعه – وجبت الدية في الكف، لما ذكرناه، والحكومة فيما زاد، لأنه ليس بتابع، وليس له أرش مقدر، فتعينت الحكمة، بخلاف الكف مع الأصابع، لأنهما كالعضو الواحد، لأن بهما جميعاً يتم البطش.

وعن أبي عبيد بن حربويه من أصحابنا: أنه لو قطع [اليد] إلى المنكب، لم يجب سوى دية؛ لأن عمار بن ياسر تيمم حين أطلق ذكر التيمم إلى المناكب، تعويلاً على مطلق الاسم، حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما يكفيك ضربة لوجهك، وضربة لذراعيك".

قال الماوردي: وهو خطأ؛ لقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦]، فلما جعل المرفق غاية، دل على أن حد اليد ما دون الغاية، مع ما ذكرناه من آية السرقة، وما فعله عمار وغيره من الصحابة لما نزلت آية التيمم، فلم يكن لكونه واجباً عليهم، كما قاله أبو الطب – بل ليسبغوا تيممهم، كما روى أن: "أبا هريرة كان يغسل ذراعيه إلى الآباط في الوضوء، ليسبغ وضوءه، ويقول: أفعل ذلك؛

<<  <  ج: ص:  >  >>