والقائل بالوجه الآخر، وهو اعتبار النظر إلى حالة الجناية، فإما أن يقومه لو كان عبداً، والألم لا يزول، أو يقومه مع تقدير الزوال: فإن قال بالأول فهو باب من الظلم ولا ينبغي أن يقدر الشيء إلا على ما هو عليه. وإن قال بالثاني فيسقول المقومون: إذا كانت الآلام تزول، والشين ينتفي، فالقيمة بحالها. وإذا تعطل الوجهان تعين المصير إلى أنه لا يجب شيء أصلاً، وصحة المذهب وفساده تمتحن بالتقديقات.
وقد تعرض الرافعي لجوابه، فقال: ولناصر الوجه الأول أن يقول: يسند الحاكم اجتهادَه إلى كيفية الجناية، خفة وفحشاً، وإلى قبحها في النظر سعةً، أو عرضاً، وإلى قدر الآلام المتولدة منها، المختلفة بسرعة البرء وبطئه.
وأن يجبوا عن الآخر بأن هاهنا قسماً آخر، وهو أن يقول: ما قيمته، وبه هذه الجناية التي لايدري أيحصل الاندمال فيها ويزول ألمها، أو يسري، ولا يدري – على التقدير الأول – أيبقى شين وأثر، أم لا؟
ولا شك أن الجراحة التي حالها ما ذكرنا توجب نقصان القيمة.
ثم قال: وقد تعرض الإمام في خلال الفصل لهذا الجواب، إلا أن نفسه لم تسكن إليه.
ثم الوجهان جاريان في كل جناية هي جرح أو كسر عظم؛ كما حكاهما القاضي أبو الطيب، وكذا فيما [إذا] كان ضرباً على الوجه؛ فأثر اسوداداً ونحوه، كما حكيناه عن رواية القاضي الحسين من قبل.
وفي "الرافعي" و"التهذيب" الجزم في الضرب بعدم الإيجاب.
وقد طرد القاضي الحسين الوجهين – أيضاً – فيما إذا ضرب بطن امرأة؛ فأجهضت الجنين، وحصل لها ألم بسبب الضرب، ولم يحصل شين؛ فعلى وجه: يجب حكومة في وقت الألم، وعلى وجه: لا يجب شيء، وادعى أنه المنصوص عليه في باب "دية الجنين".
أما إذا قطع ذكر العبد، وفرعنا على الجديد في أن جراح العبد من قيمته