تنبيه: احترز الشيخ بقوله: " [جني] خطأ، أو عمد خطأ" عن جناية العمد؛ فإن الدية فيه واجبة على القاتل، سواء كانت مما يجري فيها القصاص: كقتل الأجنبي، وقطع طرفه، أو لا يجري: كقتل الوالد ولده، والمسلم الذميَّ، وأرش الجائفةونحوها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"لاَ تَحْمِلُ العاَقِلَةُ عَمْداً وَلاَ عَبْداً وَلاَ صُلْحاً وَلاَ اعْتِرَافاً".
ثم ظاهر قول الشيخ يقتضي أن وجوب الدية يلاقي العاقلة ابتداءن وقد حكى البندنيجي والقاضي الحسين وغيرهما من الفريقين في ذلك قولين:
أحدهما: أن الأمر كذلك؛ لظاهر الخبر.
والثاني: أنها تجب على الجاني، ثم تتحملها العاقلة؛ لأنا إذا قلنا به فقد تمسكنا بطرف من قياس الأصول، ويجعل التحمل في حكم الإعانة؛ كما يؤدي الدين عمن تحمل حمالة في إصلاح ذات البين من سهم الزكاة، وهذا ما صححه الشاشي وابن يونس.
وللقولين [شبيه في] مواضع مضت، ولهما أثر يظهر من بعدز
[ثم] قال الإمام: وما ذكرناه من ترديد القول هاهنا لسنا نسنده إلى منصوص صاحب المذهب نقلاً صريحاً، وإنما تلقيناه من تصاريف كلامه [في التفريعات ومعناه الذي يجريه في أثناء كلامه]، ونظيره كثير؛ فإن النقل يقع تارة لفظاً، وتارة من جهة المعنى والاستنباط.