والثاني – وهو الأظهر-: أنا إن نظرنا إلى المعنى الأول ففي ثلاث سنين، وإن نظرنا إلى المعنى الثاني فوجهان:
أحدهما: في ست سنين.
وأصحهما: في ثلاث سنين؛ لأن الواجب ديات مختلفة، ومستحقوها مختلفون؛ فلا يؤخر [حق] بعضهم باستحقاق غيره.
قال: وابتداؤها، أي: ابتداء مدة دية الأطراف من وقت الاندمال، أي: إذا سرت إلى عضو آخر دون النفس؛ لأنه وقت استقرار الجناية، وهذا ما ذكره الشيخ أبو حامد وأصحابه، عليه جرى صاحب "الحاوي"، وقال ابن الصباغ والقاضي أبو الطيب: إنه الذي قال به أصحابنا، واختاره في "المرشد".
وصور ذلك البندنيجي بما قطع إصبعه، فسرت الجراحة بعد شهر إلى كفه، ثم اندملت بعد شهر آخر – فابتداء المدة بعد انقضاء الشهرين، لا من وقت القطع، ولا من وقت السراية.
وقيل: يعتبر ابتداء المدة من وقت سقوط الأخير؛ فإنه نهاية الجناية، وقطع الطرف مع السراية كقطع العضوين، وهذا ما ذكره في "التهذيب"، وقال في "الإبانة": أنه الصحيح. وضعفه الإمام.
وقيل: يعتبر أرش الأول من وقت الجراحة، وأرش الثاني من قوت [وقوف] السراية، وهذا يحكي عن اختيار القفال، ورجحه الإمام والقاضي الروياني.
أما إذا لم يسر الجرح أصلاً، فابتداء المدة من حين الجرح، وقد وافق عليه الفوراني؛ لأن الوجوب معلق بها، والاندمال بيّن استقرارها؛ فعلى هذا: إن اندملت بعد انقضاء الأجل استحق تعجيلها.
ولو انقضى الأجل قبل الاندمال، ففي "النهاية": أن [في] جواز مطالبة العاقلة بها الخلاف المذكور في مطالبة الجاني بها عند العمد.
وعن "جمع الجوامع" للقاضي الروياني: أن أبا الفياض ذهب إلى احتساب