والثاني:[يقدم الأقرب]؛ لأن نصرة الحاضر أقوى؛ فيجب أن يكون أولى؛ ولأن في قسمتها على الحاضر والغائب مشقة. فعلى هذا: إن وفى المقسط على الحاضرين بالواجب فذاك، وألا انتقلنا إلى الغائبين، ووزعنا على كل منهم ما يقتضيه حاله؛ كما ذكرناه في الأبعد مع الأقرب.
ولو كان بعض الغائبين داره أبعد من دار بعض، لم نوزع على الأبعد داراً إلا بعد التوزيع على الأقرب، ولم يحصل به تمام الواجب.
وفي "التتمة" نصب الخلاف في مسألة الكتاب في أنه هل يجوز تخصيص الحاضرين؛ بناء على أنه لو كانت العاقلة كلهم حاضرينن لايجوز تخصيص بعضهم بالضرب؛ فإن جوزنا فيجوز تخصيص الحاضرين بلا خلاف.
أما لو كان الغائب أقرب درجة، والحاضر أبعد، ففي "تعليق" القاضي أبي الطيب، والبندنيجي، و"الشامل": أنها على الغائب؛ لأن القرب في الدرجة هو المقدم على الحضور. وفي "الإبانة" حكاية القولين في هذه الصورة مقتصراً عليهما:
أحدهما: يقدم الحضور.
والثاني: يقدم الغيب.
والقاضي الحسين والإمام والمصنف والماوردي حكوا القولين في الصورتين، والأقيس عند الإمام منهما: الثاني.