للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: لا، لأن الأجل يلازم دية الخطأ شرعاً، فلم يحل عليه بموته، كما لا يحل على العاقلة بموتها، [وهذا ما ادعى القاضي الحسين في أوائل باب الشهاة بالجناية: أنه المذهب.

وفرق بين ذلك، وبين الدين عليه حيث يحل بموته: بأن الأجل إنما يثبت باستمهاله لأجل التمهل، وبالموت خرج من أن يتمهل؛ فحل. وأما الأجل في باب الدية فثبت بأصل الشرع؛ فلا يحل بموته؛ كما لا يحل على عاقلته].

وأصحهما في "التهذيب"، وبه جزم البندنيجي، والقاضي أبو الطيب في كتاب حكم المرتد -: الحلول. قال في "التهذيب": لأن ذلك بعد موته يتعلق بالتركة، ولا أجل في الأعيان، بخلاف العاقلة؛ لأن الوجوب عليها من طريق المواساة؛ فسقط بموته قبل الأجل الوجوب على الجاني؛ نظراً للمستحق حتى لا يضيع حقه، فإذا مات من عليه، أخذ من تركته.

وما ذكره البغوي من علة الوجه الثاني يؤيد قول من قال: إن دية الخطأ تتعلق برقبة العبد حالَّة، وهذا ما تقدم مني الوعد به.

ولو مات الجاني – والحالة هذه – معسراً ففي "التهذيب": أنه يحتمل أن تؤخذ الدية من بيت المال كمن لا عاقلة له، ويحتمل ألا تؤخذ كما لو كان معسراً في حال الحياة.

ولو غرم، ثم اعترفت العاقلة – فإن قلنا: الوجوب يلاقي الجاني، فلا يرد الولي ما أخذ، ويرجع الجاني على العاقلة. وإن قلنا: يلاقي العاقلة ابتداء، فتغريم الجاني كتغريم الغاصب البدل، عند إباق العبد من يده، فيرد إلى الجاني ما أخذ منه؛ كما يرد للغاصب ما بذله عند عود العبد، ويبتدئ الولي مطالبة العاقلة.

واعلم أن دعوى قتل الخطأ وشبه العمد، مسموعة على العاقلة، وكذا على الجاني ابتداء، حتى قال في "التهذيب": إذا ادعى عله، فنكل وحلف المدعي عليه- فإن جعلنا اليمين المردودة كإقرار المدعي عليه، وجبت الدية على المدعي عليه إن كذبت العاقلة المدعي. وإن قلنا: إنها كالبينة، فالدية على العاقلة، وقيل: إنها على المدعي عليه؛ لأنها إن جعلت كالبينة فذاك في حق المتداعيين دون غيرهما، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>