والصحيح أن الكفارة تبقى على وجوبها؛ لأنها حق الله - تعالى- فلا تسقط بتأدية حق الآدمي، كما لا تسقط بأداء الدية، هذا هو المشهور.
وفي "تعليق" البندنيجي: أن المسلم إذا قتل مسلماً تترس المشركون به، ولم يكن من قتالهم بد - طريقة مجرية لقولين في وجوب الكفارة.
وحكى المراوزة وجهاً: أن الإنسان إذا قتل نفسه لا تجب عليه الكفارة، وادعى القاضي الحسين قبيل [باب عقل] الموالي: أنه الظاهر؛ لأنها [تجب] عقيب إزهاق الروح، وهو في تلك الحالة خرج عن أن يجب عليه شيء، وقضية ذلك: انه إذا حفر بئراً في حال حياته، فوقع فيها شخص بعد وفاته - أن يكون الظاهر امتناع وجوب الكفارة، وقد قال في الموضع المذكور: إن في وجوبها وجهين، والظاهر منهما الوجوب في تركته. والأصح عند الإمام: الوجوب في الحالين كما جزم به العراقيون.
وفي"ابن يونس"[حكاية] وجه عن الخراسانيين: أن الكفارة لا تجب عليه بقتل عبده، ولم أره فيما وقفت عليه، [نعم قدمت في باب الأطعمة مباحثة تتعلق بذلك، فلتطلب منه].
قال: وإن اشترك جماعة في قتل واحد، وجب على كل واحد منهم كفارة؛ لأنه حق يتعلق بالقتل لا يتبعض، بدليل امتناع قستمها على الأطراف؛ فوجب أن تكمل في حق كل واحد من القاتلين، أصله القصاص، ولأن في الكفارة معنى العبادة، والعبادة الواحدة لا تتوزع على الجماعة.
وقيل فيه قول آخر: أنه تجب عليهم كفارة واحدة؛ لأنها مال يجب بالقتل، فوجب ألا يكمل في حق كل واحد من القائلين، أصله [الدية، و] الكفارة في قتل الصيد. قال أبو الطيب وابن الصباغ: وهذا ما حكاه أبو علي الطبري عن نص الشافعي - رضي الله عنه - في كتاب الشاهد واليمين، وهو مذهب أبي ثور، وقال البندنيجي: إنه حكاه عن نص الشافعي - رضي الله عنه - في