للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا ابن الصباغ، لكنه صور مسألة القولين بما إذا لم يدَّعوا شيئاً مما ذكرناهن ولم تعرض لذكر المراسلة وغيرهان وقاس قول الانتقاض على ما لو انفردوا، ووجَّهَ مقابله: بأن أهل الذمة لا يعلمون المحق من المبطل؛ فيكون ذلك شبهة لهم.

وحكي أن أبا إسحاق المروزي قال: القولان فيما إذا لم يكن قد شرط عليهم الكف عن القتال في عقد الذمة نطقاً، فأما إذا شرط انتقض. قولاً واحداً. وهذا [ما] حكاه الماوردي والروياني، وكذا الشيخ في "المهذب"، لكنه صور مسألة القولين بما إذا كانوا عالمين غير مكرهين، واختار في "المرشد" منهما الانتقاض، وكذا الرافعي.

وفي "التهذيب" و"الإبانة" و"تعليق" القاضي الحسين: الجزم بانتقاض العهد في حالة العلم بأنه لا يجوز لهم قتالنا، ولم يكونوا مكرهين ولا جاهلين بالحال، وكذا إذا كان قد شرط عليهم [في عقد الذمة] ترك [قتالنا، وحكاية القولين في حالةدعواهم الجوازَ، ولم يكن قد شرط عليهم ترك] القتال. ثم قال القاضي الحسين: وقال الشيخ – يعني: القفال -: لا يختلف القول في [أهل] الذمة أن قتالهم لا يكون نقضاً؛ لأن أمانهم بيدهم، [وإنما] القولان في أن للإمام نقضه مع دعواهم الجهالة، أم لا؟ وعامة أصحابنا لم يفصِّلوا هذا التفصيل، ومنقول المزني يدل على ما قاله أصحابنا. انتهى.

وفي "الرافعي": أن أبا الطيب بن سلمة طرد القولين في حالة دعواهم الإكراه أيضاً، فإذا تقرر ذلك فحيث قلنا: لا ينتقض عهدهمن فهم كأهل البغي في أنه لا يتبع مدبرهم، ولا يذفف على جريحهم، ولا يقتل أسيرهمن ولو أتلفوا مالاً أو نفساً على أهل العدل ضمنوه، قولاً واحداً.

قال الشافعي – رضي الله نه -: إنما سقط الضمان عن المسلمين؛ للتأويل، فأما أهل الذمة فلا يسقط عنهم.

قال القاضي أبو الطيب: والدليل عليه قوله – تعالى-: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} الآية [الحجرات: ٩]، ولم يأمرنا بالتبعية، وأيضاً فإنا إنما لم نغرم

<<  <  ج: ص:  >  >>