وقيل: ليس له أن يرميه قبل أن ينهاه؛ كما في الصائل، والأحاديث محمولة على ما إذا داوم النظر بعد النهي، فعلى هذا لو رماه قبل النهي ضمن، وهذا ما نسبه ابن الصباغ والبندنيجي إلى الشيخ أبي حامد الإسفراييني، وكذلك الماوردي نسبه إليه وإلى القاضي أبي حامد وجمهور البصريين، والغزالي نسبه إلى القاضين يعني: الحسين. وفي "المهذب" نسبة الأول إلى القاضي أبي حامد والشيخ أبي حامد الإسفراييني، وهو المختار في "المرشد"، والمجزوم به في "الإبانة"، وقال الماوردي: إنه قول ابن أبي هريرة، وأكثر البغداديين.
وفي "تعليق" القاضي أبي الطيب: نسبته إلى شيخه أبي الحسن الماسرجسي، ثم أشار إلى أنه مذهب الشافعي – رضي الله عنه – لأنه قال بعد حكاية الوجه الثاني: وهذا خلاف مذهب الشافعي، رضي الله عنه. قال الغزالي: وكأن الفرق أن النظر إلى الحرم جناية تامة؛ فإن ما رآه وانكشف له لا يستر باندفاعه بعده، لكن لا خلاف أنه بعد الاندفاع لا يقصد عينه بالجناية السابقة، فكأن المسلط الخاصية المذكورة مع وجود الجناية.
ثم قال القاضي أبو الطيب: نعم، قال الأصحاب: يستحب له ألا يرميه في أول الاطلاع، ويأمره بالانصراف عنه، فإن رماه قبل أن يأمره فقد ترك الاستحباب ولا ضمان عليه، ويأتي في وجوب هذا الإنذار إذا أوجبناه في الصائل بغير النظر خلاف صاحب "التقريب".
[قال:] ويرميه بشيء خفيف، أي: مثل حصا الخَذْف والعُود بقدر المدْرَى؛ لأن المستحق بالجناية فقء العين التي جنت، والخفيف يحصله، والكثيف يزيد عليه؛ فلا يجوز، ثم إذا رماه بشيء خفيف؛ ففقأ عينه، أو أصاب قريباً من عينه، فجرحه – فلا ضمان عليه، وكذا إذا سرى فَقْءُ العين إلى النفس فمات، كما صرّح به في "التهذيب".
ولو أصاب موضعاً بعيداً من عينه، لا عن قصد، فهل يضمن؟ قال في "الشامل": لا، وفي "التهذيب": فيه وجهان. وقال: إنهما جاريان فيما لو لم يمكنه إصابة عينه، فأصاب موضعاً آخر، وجزم في "الشامل": بالمنع من الرمي إلى